
البشير الدخيل : التباطئ في تفعيل الاتحاد المغاربي خيانة
حوار / علي الانصاري: عن بوابة افريقيا الاخبارية
البشير الدخيل الكاتب والمحلل السياسي، الاتحاد المغاربي حلم جميل، لا يمكن بناءه ونحن نتشبث بالصراعات العقيمة، والتي لا تخدم أيا كان.
يعتبر رئيس معهد الدراسات الصحراوية في هذا الحوار ، ان التباطئ في تفعيل الاتحاد المغاربي، خيانة لشعوب المنطقة، وان المسؤولية مسؤولية الجميع انظمة ومجتمع مدني ومثقفين.
ويدعو إلى توظيف الاعلام التقارب والتواصل وطرح الأفكار والحلول ، بدلا من التقاتل بالكلمات والمس بالأشخاص وفي ما يلي نص الحوار:
*حلم الاتحاد المغربي ،قاسم مشترك بين كافة شعوب المنطقة، برأيك لم التباطؤ في تفعيل هذا الإطار الإقليمي؟
** العالم بعد ما كان منقسما بين شرق وغرب، وبعدما كان هناك كتلتان كبيرتين تديران الحياة والسياسة في الكرة الارضية، وبعد الإطاحة بجدار برلين، وتحول العالم الى قرية واحدة، أصبحت كل الأماكن في العالم تحاول ان تجتمع في اتحادات كبيرة من أجل المصلحة المشتركة، وخاصة من أجل مصلحة المواطن، والمنطقة الوحيدة، والتي يمكنها ان تكون اقوى منطقة من ناحية التلاحم والأقل مشاكل هي منطقة شمال افريقيا، او الاتحاد المغاربي، هذا الاتحاد ما يربطه اكثر مما يفرقه، وكان مرتبطا من قبل في حروبه ضد الاستعمار،كما نعلم، وكان دائما هناك تواصل بين هذه الشعوب من أجل النضال والكفاح من أجل مصير مشترك.
أيا كان يعلم أن التفريق والتشتيت في المغرب العربي، لا يخدم أيا كان من دول وشعوب المنطقة، خاصة المواطن البسيط، رغم ذلك تفعيل هذا الاطار توقف ويروح مكانه منذ تأسيسه، بسبب صراعات بين بعض دول المنطقة، وأعتقد أنها المنطقة الوحيدة في العالم الى جانب الكوريتين التي تبقى فيها الحدود مقفلة ” اقصد الحدود المغربية الجزائرية”، وهذا طال عليه الزمن ولا يمكن أن يستمر، لأنه لا يخدم شعوب المنطقة ، ولا المغرب ولا الجزائر ولا موريتانيا ولا تونس ولا ليبيا ولا أيا كان.
ما يخدم دول المنطقة هو السلم والتكافل والتواصل والتجارة البينية المشتركة، ولا ننسى أن في سنة 1967 كانت هناك مواسم ” امغار” مغاربية في تندوف وفي طانطان وعبر التاريخ كانت هذه المناطق مرتبطة بالقوافل التجارية ،وكان هناك تبادل تجاري بين هذه الشعوب والمناطق.
لتفعيل هذا الإطار، لا بد من إشراك المجتمع المدني في كافة هذه الدول وذوي الرأي والمثقفين، من أجل تجاوز هذا المشكل، وفرض على الحكام الجلوس الى طاولة التفاوض من أجل السير قدما نحو التفعيل.
وكما قلت سابقا ،نحن في عالم تحول إلى قرية واحدة والعولمة تزحف بموادها وتأثيراتها، ولحماية شعوبنا من هذا الزحف من المواد والاعلام والأفكار لا بد من كيان جهوي كما هو موجود في كل مكان، هذا الاتحاد الأوروبي وفي امريكا اللاتينية واسيا، لا بد لهذه الدول المغاربية التي تحتاج بعضها البعض ان تتكتل من أجل التطور ومن أجل المزيد من الرخاء لشعوبها.
وهذا مسؤولية الجميع ،دول ومجتمع مدني وفعاليات وشعوب من أجل فرض منطقة مغاربية كبرى مفتوحة، تخدم مصالح الشعوب وتحافظ على مصلحة الانسان.
• كثير ما نسمع أن المسألة الصحراوية و الخلاف المغربي الجزائري حولها ،هو المعرقل ،ما مدى وجاهة هذا الطرح؟
** ما يعرف بمشكل الصحراء، هو مشكل بنى منذ البداية على أسس ومفاهيم وبدايات خاطئة، حيث اصبح الصراع الوحيد بين الأنظمة هو مشكل الصحراء، ومشكل الصحراء بحد ذاتها يقام الآن على أقوال وتصريحات ومعطيات عقيمة من طرف كل الدول، لا تخدم ايا كان.
لهذا يجب حله بسرعة بتفاوض عملي بين كافة الأطراف، والقرارات الأممية تتكلم عن الدول المغاربية، ورأي البوليساريو لا يمثل سوى رأي واحد من بين كافة الآراء الموجودة، لهذا يمكن حله بالتفاوض وبطريقة سلمية، لا مجال للحروب ولا مجال للصراعات العقيمة ولا مجال الشتم وما الى ذلك .
ضيعنا خمسين سنة ونحن نراوح في نفس المكان من 1970، وهذا عار علينا كاملين، لأنه في الحقيقة لا بد من تسمية الأشياء بمسمياتها والعمل على ثقافة السلم وتنميتها بين شعوبنا.
ولا يمكن حل هذا المشكل بالإقصاء، هناك من يتباطأ في حل هذا المشكل من أجل مصالح شخصية وجهوية وقبلية و مصالح من نوع خاص، وهذا في الحقيقة يضر به ويضر بالجميع.
مشكل الصحراء يجب ان يحل بالسلم والتوافق بين الجميع وهذا ما تطرحه الامم المتحدة.
الاطراف الرئيسية فيه ، كأنظمة وليس كشعوب، المغرب والجزائر، وهذه الأنظمة يجب ان تدرس كيفية حل المشكل بشكل سلمي تفاوضي مع الأخذ بعين الاعتبار راي كافة الصحراويين، علما بأن الصحراويين ليسوا على قلب واحد وليسوا في حزب واحد وليسوا في حركة واحدة.
اذن الحل لا يمكن ان يكون الا ديمقراطيا والذي يضمن مشاركة كل من له وجهة نظرا ومن يمثل أيا كان، من أجل المرور قدما لهذا الكيان المغاربي والذي يعتبر الحل الانجع الذي يخدم مصالح الجميع.
• أليس هناك مجالات أخرى يمكن تفعيلها والتعاون حولها في خلخلة الخلافات البينية وايجاد حلول لها مستقبلا؟
** التعاون لا بد منه، وليس هناك طريقة سوى التعاون لتذليل هذه العقبات التي تعتبر موروثة من فترة الحرب الباردة، وهي اصبحت بمثابة جرثومة موجود، يجب تجاوزه بالتعاون ،نحو بناء جيو – استراتيجي لتجاوز صراعات مغلوطة.
الآن هذه الدول لها شعوب وفعاليات واعية ودساتير، لا بد من تفعيل كل الامكانيات والطاقات من أجل الذهاب قدما الى الامام.
لا يمكن الاستمرار هكذا، ولا يمكن انتظار خمسين سنة اخرى، هذا يعتبر خيانة عظمى لهذا الشعوب ولمستقبل ابناءنا واحفادنا، ولابد من البناء على الواقعية السياسية والتي تفترض النظرة البراغماتية والواقعية التي تنفع الجميع.
• من اين نبدأ كفاعلين من مجالات مختلفة في تفعيل هذا الحلم المغاربي برأيك؟
** المغرب العربي، حلم جميل يستوجب منا الابتعاد عن خطاب العنف والتشرذم ، وكل الخطابات تجعل من الشعوب متخندقة، وتتقاتل بالكلمات والشعارات وبكل أنواع المساس بالشخصي وغيره.
ولا بد من احترام الرأي والاستماع له والبحث عن حلول ملائمة لنا كمغاربيين ومن حقنا العيش معا وفي سلم.
وأفضل طريقة للتقارب، هي التجارة وتبادل المصالح والسفريات، وخلق أسس للتواصل، وعدم تحميل طرف دون آخر المسؤولية ، هي مسؤوليتنا جميعا، لهذا يجب علينا العمل على السلم واحترام الجميع والواقعية السياسية ، ولا يمكن لنا نبذل الجهود في خدمة أشياء غير واقعية.
لا بد ان نعي بأن هناك أجيال اخرى وأراء اخرى وطموحات اخرى، هؤلاء يحب ان تمنح لهم الكلمة.
المستقبل يجب ان نبنيه معا كمغاربيين، مستقبل مبني على حقوق الانسان، بمعناها الحقيقي وليس كصك يتلاعب به الكثيرون، وإنما الحقوق الطبيعية في حق في التعبير والحق في السكن والصحة التمدرس والفرص من أجل مستقبل أفضل.
نحن ندعو إلى السلم والنقاش والابتعاد عن الخطاب العدواني، الذي يجب ان يرفضه الجميع ويدينه الجميع.
لا بد ان نتجه لإنتاج حل جميل يكون ضامنا لمستقبل افضل لأبنائنا.
• هل يمكن بالنسبة لكم ان يشكل التنسيق المغاربي عاملا مسهلا في إيجاد أجل لازمة ليبيا ؟
** المشكل الليبي، شبيه بالمشكل المغاربي تتداخل فيه عدة عوامل، وأطراف دولية، نعرف ان ليبيا دولة غنية بساكنة قليلة، وهذا تم استغلاله من دول خارجية لتدمير الدولة الليبية وخلق حروب داخلية لتدمير هذه الدولة المغاربية الجميلة جدا.
اذن نحن في حاجة الى التضامن مع هذا الشعب وهذه الدولة.
الدول المغاربية وشعوبها مطالبة بالتضامن من هذه الدولة وهذا الشعب لنبذ ومحاربة كل ما يمس كرامة هذه الدولة ومصالحها.
وكما نعلم هنا حسابات جيو – استراتيجية هي التي أدت بليبيا الى هذا الوضع.
المنطقة المغاربية ،منطقة واسعة، ويصعب السيطرة عليها امنيا، بدون وعي الشعوب ووعي النخب وتعاون الجميع، يمكن استتباب الأمن وبناء نظام مغاربي يضم كافة هذه الشعوب في ظل دول محترمة السيادة، وإيجاد حلول لكافة هذه المشاكل التي لا تخدم لا الشعب الليبي ولا ابناء الشعب الليبي.
لا بد من النقاش والحوار وتبادل الأراء، هناك العديد من وسائل الاعلام في المنطقة التي يجب ان تعمل ضمن هذا الاطار، لتحول وسائل الاعلام الى وسيلة للتصالح وطرح المشاكل والحلول لها والتواصل مع الاخر من أجل اتحاد مغاربي ديمقراطي وإعطاء القانون الكلمة الاخيرة لفرض الحلول التي تناسب مصلحة المواطن.