
السفر …..ومسافرون
الاستاذ زينبا بن حمو
ان أروع اللحظات وأكثرها متعة في الحياة، هي لحظة السفر، بالذات السفر عبر القطار، إنها رحلة تختزل رحلات، هي أسفار كثيرة في سفر، وحكايات طويلة متقاطعة في حكاية واحدة، حكاية سفر..
منذ ولوجك المحطة تدخل عالما منفصل تماما عن واقعك. تعيش فصول رواية مكتملة الأركان، وقصص قصيرة متشابهة حينا، متقاطعة حينا، ومختلفة احيانا.
وجوه كثيرة لا تشبه الوجوه، قسمات غريبة لمسافرين يخرجون للتو من قبورهم ويسيرون نحوها في رحلة مستمرة، دائمة، ممتدة، ومكررة منذ الأزل.
في الدرجة الأولى، يرافقك في رحلتك، أموات أحياء، وفي الدرجة الثانية يرافقك أحياء أموات، وكل فئة تشمل كائنات تشبه بعضها ولا يتشابهون..
وكلهم، الأحياء والأموات، يسير في نفس الاتجاه نحو المجهول/المعلوم.
أتناء الرحلات، أقواس تفتح، وقد لا تغلق أبدا.. تشرع النوافذ والأبواب، على هامش الرحلة، إن كنت محظوظا كفاية، وكنت سعيد حظ، تسرق لحظات سعادة ولحظات ترف إنساني باذخ..
وإن كنت ممن فضل الله على كثير من خلقه تفضيلا، تعيش لحظات تأمل وتدبر وتفكر وتعقل… فتنتشي بكل لحظة، وكل لقاء، وكل بسمة، وكل لمسة عطف، وكل قبلة عابرة للأجيال، وكل لحظة سكون، ولحظة شروق،..
وتحتفي بلحظات الإنطفاء، التي هي ذاتها لحظات ولادة جديدة.