
الطوارق…… البدون الليبيون
هذا الحق الذي يعتبر حق طبيعي وقانوني لكل إنسان يقطن أرضا معينة فترة من الزمن ، وهذا الحق مضمون لدى الدول المتقدمة ، كأغلب دول أوروبا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ، بعكس الدول العربية التي لا تعير هذا الحق أدنى إهتمام.
ففي الدول المتقدمة إذا آقام الشخص وأسرته في دولة ما ، فترة زمنية ، وقبلته تلك الدولة في مؤسساتها الوظيفية العامة والعسكرية والأمنية ، يترتب على ذلك تلقائيا إكتسابه لجميع الحقوق المدنية ، خاصة وإن كانت إقامته مستمرة في تلك الدولة ، ولو غادرها بعد ذلك ، وعاد إليها فيما بعد ، وأغلبهم يعطي حق المواطنة بمجرد الميلاد في تلك الدول ، وهذا يعتبر حق من حقوق الإنسان الأساسية ، حتى ولو لم يكن ذلك الشخص ينتمي تلك الدول إنتماء عرقيا أو دينيا أو إجتماعيا بالزواج وما شابه.
والدول العربية خاصة وقلة من الدول الأسيوية والأفريقية غير العربية ، لا تعير هذا الحق إهتماما.
فالكويت على سبيل المثال ، يعاني جزء لا يستهان به من أبنائها من الحرمان من حق المواطنة منذ أكثر من خمسة عقود ، وكذالك السعودية وليبيا وهذه الأخيرة هي بيت القصيد ، إذ أن ليبيا تتشابه مع الكويت في حرمان جزء كبير من أبناءها من حق المواطنة ، وتختلف معها في أنها أعطت هذا الحق لفئات أخرى لا تنتمي إليها ، وقد حصل ذلك عندما استقلت ليبيا في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي ، فأعتبرت كل من هو متواجد على الآراضي الليبية ليبيا بحكم القانون ، حتى ولو كان هذا المتواجد لا ينتمي لهذه الأرض عرقيا ، فأصبح الأتراك والكريت ، وكذلك الزنوج المتواجدون في فزان ليبيون إستنادا لذلك ، في حين أن هناك من ينتمون عرقيا لهذه الأرض ، ولم يشملهم حكم القانون لعدم تسجيلهم ، أو لوجودهم في أماكن نائية أو لتواجدهم خارج الأراضي الليبية التي ينتمون إليها.
وصدرت في ليبيا عدة قوانين تنظم حق المواطنة ، كقانون الجنسية العربية لسنة 1980 ، وآخرها قانون الجنسية الليبية لسنة 2010 ، وكلها لم تنهي وجود البدون والعائدون وأستفاد منها من لاينتمون إلى الوطن أكثر ممن ينتمون إليه.
فعلى سبيل المثال قبائل الطوارق في الجنوب الليبي وقبائل الحساونة وأولاد سليمان وقبائل الأنصار والشرفاء وقبائل المحاميد والتبو ، لا تزال عائلات عديدة منهم تعاني من عدم حصولهم على حق المواطنة كاملا ، وإن كانت قد تحصلت عليه بشكل جزئي بتقيدهم بالسجلات المدنية وصرف ارقام قيد لهم ، مع عرقلتهم من فئات معينة لها أيادي خفية بالكادر الإداري تحول دون إتمام إجراءات هذه العائلات ، التي لا يستطيع كائن من يكون أن ينكر ثبوت إنتمائهم للأصل الليبي ، ومع هذا كله يعتبرون مثل البدون في دولة الكويت ، رغم أنهم عملوا وتقاعدوا هم وأبائهم وأبنائهم في مؤسسات واجهزة الدولة المختلفة العسكرية والمدنية ، وشكلوا إرثا ثقيلا ، ستعاني منه الدولة الليبية ومن آثاره على مدى السنوات القادمة.
فهل يعقل انه على مر خمسة عقود تحرم هذه الفئات من حقوقها المدنية لا لشئ ، إلا لان هناك من يخشى أن يقاسموه مقدرات الوطن ، وهو لا ينتمي لهذا الوطن اصلا ، بل إن تلك القبائل المحرومة دفعت الغالي والنفيس من أجل الوطن ودمائها تمتد في أهله ويرتوي بها ترابه.
آن للليبيين أن ينهوا هذه المهزلة ، ويعطى كل ليبي حقه ، ويعملوا جميعا من أجل بناء وطنهم ، والمصالحة بين جميع أبناءهم في الجنوب والشرق والغرب ، والقضاء على معضلة البدون نهائيا ، فنحن ارقى من ان يعيش بيننا إخوتنا في الوطن محرومين من حقوقهم.
وعاشت ليبيا واحدة موحدة.
إبن ليبيا 3-6-2017م