
الطيب البكوش: ما يجري في تونس لا يمكن فصله عن أحداث المنطقة
قال وزير الخارجية التونسي السابق الطيب البكوش، أن ما جرى أمس بالعاصمة البلجيكية دليل على هذا التأثر والتأثير ا لمشترك وأن الأحداث التي تجري لها خلفيات.
واستعرض خلال ندوة نظمها المعهد الدبلوماسي الكويتي ، التغييرات في تونس قائلاً إن ما يجري في تونس لا يمكن فصله عن أحداث المنطقة فهي تؤثر وتتأثر بهذه الأحداث، لافتًا الى وجود تفاعل كبير لا يؤثر فقط على دول المنطقة بل دول المتوسط أيضًا والمنطقة الأوروبية.
وتابع أن الثورة التونسية أثرت في المنطقة، والشباب التونسي يشعر أن الثورة لم تحقق طموحه ولم تجعله يخرج من حالة الفقر لكنه حقق للمجتمع حرية التعبير فالثورات يمكن أن تهدم الدولة ولا يمكن أن تنشئها إلا إذا كانت ضمن إطار سياسي لأن الدولة هي الأهم.
ففي بداية الثورة التونسية حصل الكثير من أعمال الشغب ولكن وجود مؤسسات الدولة حال دون تفاقم الأمور، وأضاف البكرى أن مصطلح الربيع العربي جاء لإرضاء ضمائر الإعلام الغربي والمستشرقين الغربيين ولإبراز مساهماتهم بالديمقراطيات الناشئة لكن الواقع هذا ليس ربيعًا عربيًا.
وأضاف أن الربيع يمكن أن يوجد دون ثورات في صورة نظام يضمن العدالة والكرامة للمواطن.
وتطرق الى مفهوم الإسلام السياسي الذي ظهر مع الربيع العربي موضحًا أنه مفهوم غربي وليس عربيًا استخدمه الغرب بنوايا غير صافية وكان غرضهم أن يكون الحكم مشتركًا بين الإسلاميين والعلمانيين وهذه المفاهيم تتسبب بخلق تناقضات في المجتمع.
فالمجتمع التونسي كمثال هو مجتمع مسلم فبأي حق تأتي جماعة وتتحدث عن الإسلام وتدافع عنه وكان الآخرين ليسوا مسلمين رغم أن الإسلام لا يحتاج من يدافع عنه فهو يدافع عن نفسه.
وأضاف أن مفهوم الإسلام السياسي ملتبس لدى البعض ومن الأفضل أن نبعد الإسلام عن السياسة لأنها تفسد الإسلام وتتغير حسب المصالح، وهي مشكلتنا اليوم بخلط بين ما هو دنيوي وسماوي، من خلال إقصاء لرأي الآخر وتكفيره وكأنهم حماة الإسلام واستطاعوا تغيير مفاهيم كانت واضحة في الإسلام مثل الجهاد والشهادة والكفر، فأصبح الإجرام جهادًا مثل الذي فجر نفسه في مسجد الصادق وسمى انتحاره استشهادًا.
وبين أن تلك المفاهيم ابتعدت عن مقاصد الإسلام وهذا ما يؤثر على الأحداث في المنطقة حتى أصبحنا نرى الموت والعنف والقتل باسم الإسلام فأصبحوا ينشرون ثقافة الموت رغم أن الإسلام هو نشر لثقافة الحياة، مشيرًا الى أن تغير المفاهيم أثر في تغير المشهد السياسي في البلاد.
وأشار الى أن الشباب الذين قاموا بالثورة في تونس من الممكن أن يقوموا بثورة جديدة بسبب تأزم الأوضاع الاقتصادية وهناك شباب ينضمون لتنظيم داعش الإرهابي الذي لديه موارد مالية ضخمة ويعمل على تجنيد الشباب مثله مثل القاعدة ومن يقف وراءهم سينقلبون عليه يوما ما، وداعش قد ينتهي بعد سنوات لكن سيظهر مجددًا بأسماء أخرى لأن من يريدون ذلك يريدون تكسير الدول والقضاء على أنظمتها وهذا مخالف لنواميس الكون والحياة.
وأضاف أن الحلول السياسية على مر التاريخ أفضل من العسكرية ولأن يتحمل الإنسان مظلمة خير من الفوضى لأنها ليست دائما خلاقة كما يقول المحافظون الجدد في أمريكا الذين أرادوا إدخال المنطقة العربية في فوضى خلاقة كما يدعون، لافتا الى أن الأمن القومي العربي مهدد فما يصيب دولة عربية يصيب الأمة بأكملها وعلينا وضع حلول اجتماعية للحفاظ على الأمن القومي العربي والذي يشمل الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
والجامعة العربية تبقى الإطار المناسب رغم نواقصها لتوفير آليات سياسية لحل النزاعات في المنطقة وعلينا أن ننزع أي فتيل لأنه لا يتسبب الا بالحرائق ونحن في حاجة لصياغة استراتيجية عربية لمواجهة العنف والارهاب فظاهرة الاٍرهاب معولمة تضرب في بلد عربي وغدا تضرب في اميركا وأوروبا.
وأضاف انه لاحظ خلال اجتماع دول خمسة زائد خمسة عدم وجود استراتيجية موحدة للتعامل مع الاٍرهاب وان كل دولة تتعامل معه بصورة منفردة موضحا على سبيل المثال انه لايوجد خطة للتعامل مع الشباب المنضم لداعش في حال عودتهم لبلادهم فتونس لها 3000 ضمن صفوف داعش والسعودية 2500، بالإضافة للالاف من أوروبا والمئات من دول اخرى ولابد من تكامل حقيقي لمواجهة ما يحدث فالتدخل الخارجي لا يفيد بلادنا فهم يعملون لصالحهم هم.