
العلاقات المغربية الاسبانية : سوء فهم الجار الشمالي للمتغيرات الاقليمية والعالمية
من خلال تتبع مسار العلاقات المغربية الأسبانية يتبين أنها عبارة عن حقيقة معقدة، إذ هناك مجموعة من المتغيرات التي يجب أخذها بعين الاعتبار، داخلية وخارجية، لفهم ميكانيزمات والعوامل المتحكمة في صيرورة هذه العلاقات.
وهكذا فإن الرهانات الجيواستراتيجية المشتركة بين المغرب واسبانيا، تحتم تغييرا للثقافة السياسية السائدة داخل المملكة الاسبانية. وتوفير أرضية سياسية ملائمة أكثر جرأة، والمسلك الوحيد لذلك هو الرفع من مستوى العلاقات الثنائية، والبحث عن إجراءات الثقة المتبادلة سواء السياسية و والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.
وبالتالي فإن اسبانيا ملزمة بوضع إستراتيجية لتطوير علاقاتها بالمغربـ، تضمن حقوقه تحافظ على مصالحه،وتتسم بواقعية سياسية، وتقطع مع وهم محاولة تحويل المغرب للدر كي الأول في مكافحة الهجرة السرية وخاصة منع المهاجرين الأفارقة من الوصول إلى سبته ومليلية المحتلتين ، وإعادة صياغة ملف ادارة الثغرين بما يضمن المصالح المشتركة، و التعامل بواقعية سياسية مع المتغيرات الدولية فيما يخص الوحدة الترابية للمغرب.
* المد والجزر
تعتبر العلاقات المغربية الاسبانية من أعقد العلاقات وأطولها تاريخيا مقارنة مع العلاقات المغربية الفرنسية أو العلاقات المغربية الأمريكية، بحكم القرب والجوار والتفاعل الحضاري بالإضافة إلى محددات تعد بمثابة ثوابت تتحكم في العلاقات الثنائية بين البلدين.
ظلت العلاقات المغربية الاسبانية طيلة عدة سنوات مطبوعة بالمد والجزر، وغالبا ما كان يسودها التوتر بوصول الحزب اليميني الاسباني للحكم، لتعرف نوعا من الانفتاح بوصول الاشتراكيين للحكم.
إن العلاقات الاسبانية المغربية في شكلها الحالي، ليست سوى مرحلة من مراحل تطور العلاقات بين البلدين فالتأزم قبل العودة الى الانفراج، إذ تعتبر من أقدم العلاقات في العالم، وفي هذا الإطار تؤكد المؤرخة الاسبانية ” ماريا روسادي مادارياغا” أن المغرب لم يشكل بالنسبة لاسبانيا قضية سياسية خارجية، وإنما مسألة داخلية امتصت لسنوات كل أنشطة واهتمامات البلد، ووجهت سياسة حكوماته.
وعلى أي، تبقى الخصوصية والأهمية النوعية للعلاقات المغربية الاسبانية (التاريخ، التفاعل الثقافي، التقاطع السياسي والجغرافي والأمني)، والكمية ( الاقتصاد، التجارة، الديموغرافيا). هما المقياسين اللذين يحددان اختلاف طبيعة هذه العلاقات بشكل ملحوظ عن علاقة المغرب بباقي دول أوربا الغربية.
*الاكراهات الدولية والإقليمية
إن الاختلاف في مستوى النمو بين المغرب واسبانيا، ولد العديد من المشاكل ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، على غرار ملف الهجرة السرية، الإرهاب و المخدرات، والتهريب بالإضافة إلى ملف الصيد البحري والذي يعكس بوضوح تفاعل جميع هذه القضايا مع المحيط الدولي. حيث أن دراسة العلاقات المغربية الاسبانية لا يمكن عزلها عن الإطار العام للاكراهات الدولية والإقليمية، فموقع البلدين جعل منهما ركيزتين أساسيتين في الإستراتيجية الاورومتوسطية من جهة، ومحط اهتمام القوى الدولية من جهة أخرى. إلا أن تنوع العلاقات وأهميتها بين المغرب واسبانيا وخاصة في المرحلة الحالية، يفرض علينا دراسة هذه العلاقات من زاوية مختلفة، تأخذ بعين الاعتبار التحولات السياسية الجديدة في البلدين، وتأثيرها على مسار علاقات المغرب واسبانيا.
*البعد الجيوبوليتكي للعلاقات المغربية الاسبانية
يعتبر مفهوم ” الجيوبوليتك” من بين أكثر المفاهيم غموضا فحتى ظهوره في نهاية القرن العشرين، باعتباره أفكارا تدرس علاقة الإنسان بالبيئة الجغرافية، مر بتطورات عديدة صقلته أحيانا وغيرت عناصره أحيانا أخرى.
يعتبر المغرب من الدول التي تفاعلت بشكل كبير مع العوامل الجيوسياسية المتوفرة لها، وحالة المغرب كما قال الأستاذ الحسان بوقنطار” تذكرنا باستمرار أن الجيو سياسة ما زالت تمارس دورا مهما في التأثير على وضع الدولة وعلاقتها بباقي الدول الأخرى. إذ يوجد المغرب في وضعية جيوسياسية متميزة واستثنائية بحيث يوجد في منطقة تماس حضاري، وفي ملتقى بحرين وثلاث قارات ولعل ما زاد من أهمية هذا الموقع مراقبة المغرب لجانب من ممر مضيق جبل طارق الذي يصل المحيط الأطلسي بالبحر الأبيض المتوسط.
هذا الموقع الذي وصفه الملك الراحل الحسن الثاني عندما قال ” المغرب يشبه الشجرة التي تمتد جذورها المغذية امتدادا في التراب الإفريقي وتتنفس بفضل أوراقه التي يغذيها النسيم الأوروبي”. مما فرض عليه نهج سياسية الانفتاح في العديد مع العديد من الدول التي تنتمي لمختلف الفضاءات. واسبانيا من أهم الدول التي حرص المغرب على الانفتاح عليها والتفاعل معها بفعل القرب الجغرافي وإفرازات المراحل السابقة.
كانت كل الحياة الاسبانية تدور حول المغرب، إلى أن تحول إلى صفحة من صفحات تاريخ اسبانيا، بهذا تختزل المؤرخة الاسبانية ماريا روسادي مادارياغا طبيعة وتاريخ العلاقات المغربية الاسبانية.
* العلاقات السياسية والدبلوماسية
لقد لعب التاريخ المشترك لاسبانيا مع العالم العربي دورا هاما في صياغة العلاقات الحالية، يمكن القول أن العناصر الجغرافية هي التي فرضت مجرى التاريخ المغربي في علاقته مع الجار الاسباني إلى حد بعيد… إن أهمية المغرب بالنسبة لاسبانيا ليس كموقع جغرافي استراتيجي فقط ولكن من خلال مواقفه السياسية المعتدلة وتوجهاته الاقتصادية الليبرالية.
بالرغم من كون العلاقات بين المغرب واسبانيا هي علاقات ثنائية، فإنها تخضع لمنطق الضغوطات الدولية، خاصة في الملفات الحساسة، والتي تؤثر بشكل أو بأخر على هامش حرية تحرك البلدين وتطور العديد من الاختيارات السياسية وتساهم في صياغة طبيعة علاقات البلدين. وبالتالي فإن هذا التداخل الكبير والمتفاعل لهذه المعطيات في العلاقات المغربية الاسبانية قد فرض على كل طرف نهج سياسة تقوية العلاقات الثنائية.
إن الموقع الجغرافي للمغرب في أقصى شمال إفريقيا وإشرافه على مدخل البحر الأبيض المتوسط ساعد على توجهه نحو أوروبا. نظرا لوجوده في ملتقى محورين أساسين، محور الشمال والجنوب، باعتباره صلة وصل بين القارة الإفريقية والقارة الأوربية ومحور الشرق والغرب. ولازال هذا العامل يحافظ على مكانته الجيوسياسية رغم التغيرات التي يشهدها النظام العالمي.
وقد بلغ التقارب بين المغرب واسبانيا أوجه بتوقيع معاهدة الصداقة والجوار والتعاون في يوليوز 1991 والتي سمحت بفتح قنوات للاتصال المستمر وتنظيم لقاءات دورية للتشاور والتنسيق على أعلى المستويات. ولم تقتصر أهداف هذا الإطار على زيادة التبادل ودعم الشراكة والتعاون في المجال الاقتصادي والوصول في تفاهمات بشأن الموضوعات التي تهم البلدين كمشكلات الهجرة ومكافحة الجريمة المنظمة واتفاقات الصيد البحري وتنافس المنتوجات الزراعية للبلدين على السوق الأوربية، بل إنه أيضا سمح في مناسبات عديدة ساعد على تلطيف الأجواء وتيسير التعامل مع ملفات حساسة كالخلاف حول سبتة ومليلية والتنقيب عن النفط في قبالة السواحل المغربية وجزر الكناري، فضلا عن المواقف من تطورات قضية الصحراء.
لا يمكن استيعاب مسار العلاقات الاسبانية المغربية وفهم تقلباتها دون إلقاء نظرة على التحولات التي مر بها المنظور الاستراتيجي الذي يحكم سياسة اسبانية الخارجية. لقد شكل الموقع المتميز والتاريخ الحافل والعلاقات الثقافية الممتدة، عوامل وفقت اسبانيا في توظيفها بنجاح ابتدءا من أواسط الثمانينات للإعادة تطبيع وضعها الدولي مستفيدة من اطراد النمو الاقتصادي وتطور التجربة الديمقراطية. فضلا عن الاندماج في تكتلات اقتصادية والإستراتيجية هامة كالاتحاد الأوربي وحلف الناتو.
وهكذا كرست اسبانيا دورها كقوة دولية متوسطة الوزن تضطلع بأدوار رئيسية في مجالات الطبيعية لنشاطها الدبلوماسي، مثل الفضاء المتوسطي وأمريكا اللاتينية، مستفيدة في ذلك إلى مباركة شركائها الغربيين وترحيب وتعاون أصدقائها في المناطق المذكورة. غير أن السياسية الخارجية الاسبانية عرفت انقلابا جذريا مع مطلع القرن الحالي، عندما وضع رئيس الحكومة السابق “خوسيه ماريا اثنار” نصب عينه احتلال موقع أكثر تقدما على الساحة الدولية.
كما أظهرت اسبانيا غداة عودة الاشتراكيين إلى السلطة حماسا للعب دور متميز في منطقة شمال إفريقيا سواء على مستوى البحث عن حل لقضية الصحراء أو من خلال دعم مسار الإصلاح السياسي والتنمية الاقتصادية في إطار الشراكة الاورومتوسطية. لكن هذا الطموح، اصطدم مبكرا بعقبات عديدة، أهمها تعقيدات ملف الصحراء وغياب سياسة خارجية فعالة للاتحاد الأوروبي.
*التقارب يسن الملكيتين
العلاقات المغربية الاسبانية راسخة، وهي العلاقات الثنائية المتجدرة عبر التاريخ، يقول أنخيل موراتينوس أن العلاقة بين اسبانيا والمغرب تطورت بشكل ايجابي عبر السنوات بناء على العديد من الحوارات الثنائية والمفاوضات في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك ذلك تحت إشراف جلالة الملك محمد السادس والملك الاسباني فليب السادس.
يؤكد خبراء ومحللون وسياسيون أن زيارة الملك الاسباني ” فيلبي السادس” للمغرب في يوليو 2014 عززت مكانة المغرب كبلد استراتيجي وذي أولوية بالنسبة إلى اسبانيا في جميع المجالات. تندرج الزيارة في استمرارية العلاقات الثنائية التاريخية وواعطت زخما ودينامية جديدة لعلاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، بالإضافة لدعم الاتصالات الدائمة بين مسؤولي البلدين من اجل الارتقاء بهذه العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والثقة، وحسن الجوار والتعاون رابح- رابح والشفافية كأي علاقات بين الدول التي تتداخل فيها المصالح والرؤى والطموحات.
بالإضافة إلى ما سبق فالعلاقات المغربية الاسبانية تتقاطع في العديد من المجالات الجغرافية، لذا حصل المغرب على الوضع المتقدم في الاتحاد الأوربي، إلى جانب المجال المغاربي ثم الفضاء المتوسطي، الآمر الذي يظهر أهمية موقع البلدين بحيث يجعل منهما مركز اهتمام القوى الدولية، لكن رغم ذلك فإن إسبانيا لا زالت تتمسك بالمفهوم التقليدي للحدود، على عكس سياسة الجوار الأوروبية الجديدة والتي تتحول في ظلها الحدود إلى فضاء للقاء والتبادل في إطار المستقبل المشرك.
* العلاقات الاقتصادية
ترتكز العلاقات الثنائية بين المغرب و اسبانيا على مجموعة من الاتفاقيات أهمها اتفاقية الصداقة والتعاون وحسن الجوار التي تمت المصادقة عليها سنة 1993 . والتي تنقسم إلى ثلاثة محاور كبرى تبتدئ بتصدير يتضمن الإطار الذي يحكم العلاقات المغربية الاسبانية والطموحات التي تحركها. والمحور الثاني خصص للمبادئ التي ستميزها مستقبلا كاحترام الشرعية الدولية والسيادة الداخلية والامتناع عن اللجوء إلى التهديد بالقوة… أما المحور الثالث اهتم بالعلاقات السياسية والتعاون في مختلف المجالات.
تنمو العلاقات الاقتصادية بين المغرب واسبانيا بشكل متميز يعكس عمق الروابط التي تجمع بين الطرفين، ويدعم هذه العلاقات القرب الجغرافي للبلدين والشركات الاسبانية المنشأة بالمغرب التي تتعدى 800 شركة، والعدد المهم للجالية المغربية في اسبانيا، وكذا للتدفق المتزايد للمستثمرين الاسبان إلى المغرب في الآونة الأخيرة. وفي الواقع ساهمت دينامية التعاون في جعل الشراكة الاقتصادية والتجارية والمالية بين البلدين ذات أهمية. و تتجلى هذه الشراكة في الارتفاع الملحوظ في المعاملات التجارية بين البلدين، وإنشاء شركات اسبانية بالمغرب في قطاعات متنوعة كالعقار، السياحة، الطاقة، الاتصالات، الخدمات المالية، النقل، المنسوجات والملابس، إذ أصبحت اسبانيا أكبر شريك تجاري للمغرب (أول ممون وأول زبون)، وثاني مصدر للإيرادات السياحية بالمغرب، والمصدر الثاني على مستوى التحويلات المالية للمغاربة المقيمين بالخارج.
اسبانيا هي كذلك واحدة من الجهات المانحة الرئيسية في إطار المساعدة الإنمائية الرسمية، وكانت أيضا أول بلد أجنبي استجابة إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من خلال العمل كشريك لصالح المشاريع الاقتصادية والاجتماعية في إطار هذه المبادرة.
* الرهانات الإستراتيجية للعلاقات المغربية الاسبانية
إن تداخل العديد من العوامل في مسار العلاقات المغربية الاسبانية خلق نوعا من الوعي عند الجانبين بأهمية استمرار الحوار واستقرار العلاقات، وتحقيقا لهذه الإستراتيجية، علمت اسبانيا من جانبها إلى تذليل الصعوبات التي تؤثر في استقرار العلاقات، مستعملة آليات تختلف باختلاف التوجهات السياسية للحكومات الاسبانية المتعاقبة، مع الآخذ بعين الاعتبار ضغط المجالين الجهوي والدولي، مما يفرض إكراه تؤثر في السلوك السياسي للحكومات الاسبانية، بالخصوص بعد نهاية نظام القطبية الثنائية، التي فرضت تغيرا في قواعد اللعبة في العلاقات الدولية الراهنة. مما تطلب من الدول ضرورة تكييف سياساتها الخارجية والداخلية مع ما تطلبه النظام العالمي الجديد.
وفي نفس الاتجاه فإن المغرب بحكم اختياراته السياسية والاقتصادية يعمل من جانبه على تدعيم استمرارية العلاقات، والبحث عن سبل تقويتها وفي ظل المتغيرات الدولية والاقلمية التي تؤثر بشكل أو بآخر في ردود فعله، وبالتالي في صناعة القرار السياسي على المستوى الخارجي. إن الرهانات الجيواستراتيجية المشتركة للمغرب واسبانيا تحتم تغييرا للثقافة السياسية السائدة داخل المنطقة، من أجل مواجهة الرهانات المستقبلية التي ستعرفها على المستوى السياسي والديمغرافي، والاقتصادي والأمني ، والثقافي والاجتماعي، والحضاري.
لهذا لا بد من التوقف عند البعد الأمني للتعاون بين المغرب واسبانيا
*البعد الأمني في التعاون بين المغرب واسبانيا
يؤكد االمرحوم محمد العربي المساري بأن ” المعطى الأول الذي يضبط العلاقات بين المغرب واسبانيا هو الجوار. وقد شكل في أوقات من القرون الوسطى، ما عرفه التاريخ بالغرب الإسلامي وهو ظاهرة ما فتئت تعبر عن نفسها في المعمار والطبخ والموسيقى والخط واللباس…
في الآونة الأخيرة طبعت أجواء من الصفاء علاقة الجوار بين المملكتين المغربية والاسبانية. بحسب وزير خارجية اسبانيا السابق ، كما عرفت العلاقات الدبلوماسية للبلدين انفراجا في مناسبات عديدة ترتبط في أغلبها بملف الصحراء المغربية، وموقف اسبانيا غير الواضح من الموضوع، وأيضا في مقاربة البلدين لموضوع الهجرة السرية. إذ تعتبر اسبانيا المغرب بوابة نحو الحل كما هو بوابة للانطلاق عدد من المهاجرين الأفارقة نحوها، كما أن التعاون المغربي- الاسباني في مجال الآمن كان دائما ومازال قائما بين البلدين. وعلى امتداد السنوات ظل المغرب فاعلا مشتركا في أمن الحدود ونعمل بصفة مشتركة على كثير من المجالات المرتبطة بالآمن وبالأخص بعد الهجمات الإرهابية التي عاشتها مدريد سنة 2004، وإجمالا يمكن القول بأن هناك تعاونا متميزا جدا بين المغرب واسبانيا في مجال الآمن والحدود. وبطبيعة الحال، هناك تعاون بشكل رسمي في هذا الجانب بين وزارة الداخلية المغربية ونظيرتها الاسبانية. وأيضا بين وزارة العدل والحريات المغربية ووزارة العدل الاسبانية، وأعتبر أنه مجال اشتغال مشترك إلى حد كبير بين البلدين بغرض محاربة التطرف والإرهاب، وتعزيز شراكة وتعاون حديث بين الطرفين وباقي بلدان في شمال المتوسط وجنوبه.
أن المسار الأمني بين المغرب واسبانيا يعرف العديد من التطورات بحكم نوعية الملفات التي تعتبر قطب الرحى فيه، الهجرة السرية، محاربة الإرهاب والتهريب ثم المخدرات، كل هذه المشاكل تعكس نوعا من تباين وجهة النظر بين المغرب من جهة واسبانيا والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.
*ملف الهجرة السرية
من خلال ما سبقت الإشارة إليه نستنتج أن الهجرة غير الشرعية تعد إحدى الملفات الشائكة التي تؤرق العلاقات المغربية الاسبانية. وقد أثبت التجربة في هذا الموضوع فشل المقاربة الأمنية، مما يستدعي مقاربة شمولية أساسها برامج تنموية كفيلة باستيعاب المهاجرين، والحد من هذه الظاهرة التي تعد جزء من الملف الأمني بين المغرب واسبانيا بملفات أخرى على غرار التهريب وتجارة المخدرات ومحاربة الإرهاب. حتى بداية الألفية الثالثة لم يكن الإرهاب ليشغل علاقة المغرب واسبانيا إلى المستوى الذي وصل إليه الآن، فالمغرب كان دائما مستقرا على المستوى الأمني حتى جاءت أحداث 24 غشت 1994، وأحداث 16 ماي 2003،لتعرض المغرب لضربة إرهابية قوية. وكذا الأحداث التي تعرضت لها اسبانيا سنة 2004.
إن تعدد المقاربات المبنية على الهاجس الأمني يبقى غير ناجع وغير فعال من أجل وضع حل لهذه القضايا التي تؤرق بال المسئولين المغاربة والاسبان، لذا يجب مشاركة كل الأطراف المعنية في إيجاد حلول تنبني على تدعيم مشاريع التنموية، وخلق مناصب شغل، وتوحيد وجهات النظر في بينهما.