
المملكة في قلب الاهتمام العالمي : الانتخابات كرست الاستثناء المغربي
شهد المغرب في الثامن من شتنبرالجاري، انتخابات تشريعية وجماعية وجهوية، في ظل أوضاع صحية خاصة، يشهدها المغرب، كما العالم اجمع، الجائحة المرتبطة بفيروس كورونا ،كانت تمثل تحديا حقيقيا لإجراء انتخابات في ظروف مرضية ومقبولة تتميز بالنزاهة والمصداقية اللازمة.
المغرب ملكا وحكومة وشعبا ، رفعوا التحدي من أجل تجديد المشهد السياسي، وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وكإصرار على تمسك المملكة المغربية بنموذجها الديمقراطي الذي سطره ملك البلاد جلالة الملك محمد السادس نصره.
حظيت الانتخابات المغربية باهتمام عالمي وعربي وإقليمية ومحلي، ولا اظل على ذلك من العدد الكبير للملاحظين الدوليين والعرب والمحلين الذين قاموا بملاحظة الانتخابية في ظروف جد جيدة بفضل التسهيلات والترحيب والاهتمام بهم.
على المستوى الإعلامي، حج للم غرب العشرات من وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم لتغطية الحدث الديمقراطي.
في المقال التالي تجميع لعدد من المقالات التي تناولت الحدث الانتخابي في المغرب.
* اهتمام أوروبي
الاتحاد الأوروبي، أعلن أنه تابع “باهتمام كبير” تنظيم الانتخابات في المغرب، وسجل “ارتفاع نسبة مشاركة” المواطنين فيها.
وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء: “الاتحاد الأوروبي تابع تنظيم الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية في المغرب باهتمام كبير، ولاحظنا ارتفاع نسبة المشاركة”.
وأضاف أن “الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى الانخراط مع الحكومة المغربية الجديدة والسلطات والبرلمان، بغية تعزيز شراكتنا الأورو-مغربية من أجل تحقيق ازدهار مشترك في كافة المجالات ذات الاهتمام، وفقا للإعلان المشترك لسنة 2019”.
وأكد أن الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن جوزيب بوريل “تحدث بالفعل مع وزير الشؤون الخارجية السيد ناصر بوريطة لمناقشة المواضيع ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها الانتخابات”.
ولأول مرة في الحياة الديمقراطية لمؤسساته، نظم المغرب، يوم الأربعاء الماضي، ثلاثة استحقاقات انتخابية في يوم واحد (تشريعية، جهوية ومحلية)، تميزت بنسبة مشاركة بلغت 50,35 في المائة على المستوى الوطني.
وكان توافد المواطنين على مراكز الاقتراع، كالعادة، مكثفا في الأقاليم الجنوبية للمملكة حيث بلغ الإقبال 66,94 بالمائة في جهة العيون-الساقية الحمراء، و63,76 بالمائة في جهة كلميم-واد النون، و58,30 بالمائة في جهة الداخلة-وادي الذهب.
*الشرق الاوسط: “سن الرشد الديمقراطي”
كتبت صحيفة “الشرق الأوسط” أن الثامن من شهر سبتمبر لهذا العام، يوم كتب فيه الشعب المغربي على أوراق الاقتراع في الانتخابات التشريعية، عنوانا بارزا لمرحلة جديدة من عمره السياسي. زلزال هز به المواطن المغربي بنية الأحزاب السياسية التي تنافست في الانتخابات، وأعاد تشكيل القوى الحزبية بإرادته الفريدة، لتبلغ المملكة بذلك “سن الرشد الديمقراطي”.
وأوضحت الصحيفة، في مقال لعبد الرحمن شلقم وزير خارجية ليبيا ومندوبها الأسبق لدى الأمم المتحدة بعنوان (المغرب في سن الرشد الديمقراطي) ، نشرته السبت ضمن طبعة الرياض، أن المغرب اجتاز مراحل امتحان حقيقية في مسيرته نحو الديمقراطية، وكان جلالة الملك محمد السادس هو المهندس الذي وضع الأرجام على الطريق بنصوص الدستور، مبرزة أن “الشعب تفاعل بوعي موضوعي تجاوز الجهوية والعشائرية، وكان الشباب من الجنسين هم الأكثر حرصا على المشاركة في هذا العرس الديمقراطي، الذي أجمع المراقبون المحليون والأجانب على نزاهته.
*نقلة كبيرة في الممارسة السياسية بالمغرب
وذكر كاتب المقال بأن التعديل الدستوري الذي قرره جلالة الملك محمد السادس، والذي يقضي فصله السابع والأربعون، بأن يكلف الملك الحزب الحائز أكثر الأصوات في الانتخابات التشريعية، تشكيل الحكومة، أحدث نقلة كبيرة في الممارسة السياسية بالمغرب، مؤكدا أن المملكة المغربية “أصبحت اليوم دولة دستورية برلمانية، وتمأسست هويتها السياسية وترسخت بمعنى أن ها بلغت سن الرشد الديمقراطي الذي تكرست به قواعد التداول على إدارة الدولة، عبر انتخابات تشريعية، وتصبح الحكومة مجلس إدارة الدولة الذي يعمل من أجل تحقيق ما يصبو إليه الناخب”. وبعد استعراضها لنتائج صناديق الاقتراع، قالت الصحيفة إنه “لم يعد الحكم يحتكره حزب واحد أو مجموعة من الأحزاب تجلس على كرسي السلطة إلى مدى مفتوح، تستخدم من أجله قدراتها المالية وتوظف المصالح الإدارية والزبونية”، مبرزة أن نتائج الانتخابات التشريعية أكدت أن مرحلة الشعارات والآيديولوجيا، قد تهاوت وأصبح البرنامج الانتخابي الذي يتفاعل مع ما يريده الناس هو الفيصل الذي يحدد من يحكم على مدى السنوات الخمس القادمة.
وأضافت “بلا شك، فإن المملكة المغربية أكدت بلوغها سن الرشد الديمقراطي بهذه النتائج التي قال من خلالها المغاربة إن الحساب ينتظر كل من تولى إدارة شؤون البلاد ومراقبة إنجازاته وإخفاقاته ومعاقبة من يخفق في تحقيق الأهداف الوطنية”، مشيرة إلى أن نتائج هذه الجولة الانتخابية “أكدت تهافت الشعار بكل شحناته وتوجه الناس نحو ما يكتب على الأرض بحروف الفعل في كل المجالات، ويبقى المكسب الأكبر للشعب المغربي هو تأكيد بلوغه سن الرشد السياسي بترسيخ الديمقراطية”.
*تطور اقتصادي بامتداد افريقي
وسجلت الصحيفة أن المغرب شهد في السنوات الأخيرة نشاطا اقتصاديا كبيرا في القارة الأفريقية، خصوصا في جزئه الغربي، حيث استثمر في مشروعات كبيرة ونجح في تصدير منتجاته الزراعية والصناعية، واستفاد من عودته للاتحاد الأفريقي، موضحة أن المغرب يقوم بتجميع نحو سبعمائة وخمسين ألف سيارة سنويا ، ويصدر منتجاته الزراعية والصناعية إلى أوروبا وأفريقيا، ويتطلع إلى أن يصبح نمرا اقتصاديا أفريقيا رائدا وله من الإمكانيات المادية والقدرات البشرية المؤهلة وموقعه الجغرافي القريب من جنوب أوروبا، والممتد في أفريقيا بموروث ديني واجتماعي يوفر له آفاقا واسعة تفتح له أبوابا لتصدير منتجاته.
وخلصت الصحيفة إلى أن “التكوين السياسي للدولة يشكل القوة التي تمثل المحرك نحو الأهداف الوطنية. فالهوية الاقتصادية للدولة تحددها قدراتها المادية، والأداة السياسية التي تدير الدولة هي القوة الفاعلة”.
*درس الديمقراطية والتناوب
من جهتها ،كتبت يومية (الغد) الأردنية السبت، أن ما حدث في المغرب من خلال إجراء الانتخابات العامة كان درسا مفيدا في الديمقراطية والتناوب على السلطة .
وقالت اليومية في مقال رأي إن “الطريق إلى الديمقراطية وتناوب الأحزاب على الحكم تعبده التجربة، وتصحح مساراته حركة المجتمع، وثقة النظام السياسي به، ولا يحتاج إلى مراحل طويلة تختلط فيها الشكوك بالذرائع والعراقيل، ولا إلى معارضات تدب الصراخ وأخرى تحتكر الوطنية ” .
وأضاف كاتب المقال أن “امتحان النخب التي تتصارع على السياسة يقرر نتيجته أصوات الناس في الصناديق النزيهة ، حيث ينجح من كان بمستوى خدمتهم ، ويرسب من فشل في ذلك “.
وتابع “حين ندقق أكثر في الرسائل التي وصلتنا من صناديق الانتخابات البرلمانية في المغرب نجد أن الإسلام السياسي في معظم نسخه تراجع للخلف ليس لأن إسقاطه أو إفشاله جاء بقرار من أي جهة، وإنما لأنه فقد قدرته على إقناع الناس بمشروعه وربما بمشروعيته”.
*مجتمع حي
وأكد الكاتب أن “المجتمع أيضا يحتاج الى حركة السياسة لكي ينتعش ويستعيد حيويته ونشاطه، ويحدد خياراته، ولا يجوز أن يستسلم لفكرة الوصايات من أي طرف، أو لاتهامات نقص النضج والوعي، لقد فعلها مجتمع المغاربة حين عاقبوا الإسلاميين وقبلهم اليساريين، وبوسع أي مجتمع حي أن يفعلها حين ينهض من عجزه وكسله، ويرفض القبول بـ”النصيب المكتوب” أو الخضوع للقدر المحتوم “.
* رهان التنظيم
فيما اكد الخبير السياسي، مصطفى الطوسة، أنه من خلال النجاح في رهان التنظيم الديمقراطي، في سياق وباء عالمي غير مسبوق، للانتخابات التشريعية التي ستفرز أغلبية جديدة بمشروع سياسي جديد أكثر انسجاما مع تطلعات المغاربة، يجد المغرب نفسه “مرة أخرى” في قلب “كل الاهتمام والثناء”.
وفي مقال تحليلي نشر على موقع “أطلس أنفو”، السبت، يستخلص الكاتب الدروس من هذه “الاستشارة الانتخابية ذات العناصر المتعددة”.
وكتب مصطفى الطوسة أن “تجاذبات المشهد الانتخابي المغربي لم تستقر بعد، ومعه تتجلى الدروس التي يتعين استخلاصها. لقد كانت هذه التجربة الديمقراطية المغربية ونتائجها في قلب الاهتمام العالمي. فقد أعطى الحدث انطباعا بأنه يتجاوز الإطار الوطني ليكتسب صدى إقليميا ودوليا”.
وأشار إلى أن أول ما ينبغي ملاحظته، هو أن “المغرب نجح في تنظيم استحقاقات انتخابية ذات أقسام متعددة، وذلك في ظل ظروف استثنائية فرضها واحد من بين أكثر الأوبئة شراسة في مطلع القرن الحالي”. وهنا، فإن وفود كثيرة للمراقبين الأجانب، التي جاءت لمتابعة سير الاقتراع، سجلت أن الرهان الديمقراطي التنظيمي كان ناجحا إلى حد كبير.
وحسب الخبير السياسي، فإن “هذا النجاح كان ثمرة إرادة سياسية مزدوجة. إرادة السلطات المغربية التي حرصت على تكريس الممارسة الديمقراطية الحرة للمواطنين، ما مكن بنفس المناسبة من إغناء إرث من بين الأثمن في هذا الشأن. وإرادة المواطنين المغاربة الذين تخلوا عن مواقفهم المندرجة في خانة الامتناع ليقبلوا بكثافة على صناديق الاقتراع. فنسبة المشاركة كانت مشرفة على قدر كبير، وذلك في لحظة حاسمة كان فيها السخط السياسي مرضا مستشريا”.
وأوضح الخبير السياسي أن الدرس الكبير الآخر الذي يبنغي استنتاجه من الانتخابات المغربية هو “الإقبال الذي حطم كل الأرقام (…) في الأقاليم الصحراوية”. ولأن الأمر يتعلق بأول استحقاقات للمرحلة ما بعد الاعتراف الأمريكي، فإن هذا المعطى المتعلق بالمشاركة الشعبية هو مؤشر ثمين، لم يغب عن أحد أهميته السياسية، فمغاربة الصحراء عبروا بقوة عن تمسكهم، مؤكدا أن هذه النسبة يجب مقارنتها مع معدل منطقة القبائل في الجزائر التي اتخذت منذ فترة طويلة القرار الاستراتيجي المتمثل في مقاطعة جميع الانتخابات وفرض تحديات كبرى بالنسبة للسلطة المركزية في الجزائر.
وفي هذا السياق، اعتبر أنه “من الوارد جدا أن بعض العواصم الأوروبية التي لا تزال مترددة في السير على خطى الأمريكيين بخصوص الصحراء المغربية، ستجد نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في هذا الموقف القائم على عدم الثقة والتزام الحذر”.
وحسب الخبير السياسي، فإن “الكيفية التي أقبل بها الصحراويون المغاربة على صناديق الاقتراع قصد اختيار ممثليهم الجهويين والوطنيين، أضحى دليلا ساطعا على أن مغربيتهم ليس بحاجة إلى إثبات”، قائلا إن “البرهنة على هذه الإرادة حدث أمام أعين المراقبين الدوليين من بين الأكثر نزاهة”.