
المونديال الافريقي : فضائح وتهديدات إرهابية
تشهد بطولة كأس أمم أفريقيا 2022 التي تقام في الكاميرون حاليا أحداثا غير مسبوقة، آخرها كانت فضيحة مباراة تونس ضد مالي.
وتستضيف الكاميرون النسخة 33 من كأس الأمم الأفريقية خلال الفترة من 9 يناير الحالي وحتى 6 فبرايرالمقبل في 6 مدن.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن دوي إطلاق نار سُمع الأربعاء في مدينة بويا، التي تقع في جنوب غرب الكاميرون وتستضيف أربعة من الفرق المشاركة في بطولة كأس الأمم الإفريقية الجارية حاليا.
وانطلقت أولى مباريات البطولة الأفريقية الأحد وسط مخاوف أمنية لا سيما في المناطق الغربية، حيث يشن متمردون انفصاليون هجمات مميتة على المدنيين والجيش منذ عام 2017.
تقع بويا على بعد حوالي ساعة بالسيارة من مدينة ليمبي الساحلية التي أقيمت فيها مباراتان من مباريات المجموعة السادسة أمس الأربعاء. وتستضيف المدينة التي شهدت الكثير من الاشتباكات بين الجيش والمتمردين فرق المجموعة السادسة التي تضم مالي وغامبيا وتونس وموريتانيا.
تسعى ميليشيات من الأقلية الناطقة بالإنجليزية في غرب الكاميرون إلى إقامة دولة انفصالية تسمى أمبازونيا منذ العام 2017 احتجاجا على تعرضهم للتهميش من قبل الحكومة الناطقة بالفرنسية حسب وصفهم.
وأودى الصراع بحياة ما لا يقل عن 3000 شخص وأجبر ما يقرب من مليون على الفرار. ويُتهم الانفصاليون والقوات الحكومية على السواء بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين.
إلغاء مران تونسي
وكانت تقارير إعلامية، قد كشفت أن تدريب منتخب تونس الذي كان من المقرر إقامته الأربعاء بعد نهاية مباراته أمام مالي قد ألغي لدواع أمنية بسبب وجود تهديدات إرهابية.
وذكرت قناة “بي إن سبورتس” أن الأمن الكاميروني طلب من المسؤولين بالاتحاد التونسي ضرورة إلغاء تدريبات الفريق الاستشفائية من قبل الجهاز الفني عقب مباراة المنتخب المالي بسبب تلقيه تهديدات إرهابية جديدة. TISING
وفي السياق ذاته، أكدت إذاعة “موزاييك” التونسية أن الأمن الكاميروني طلب من المسؤولين ضرورة إلغاء التدريبات التي وضعها الجهاز الفني للمنتخب التونسي بقيادة منذر الكبير، بسبب وجود تهديدات “جادة للغاية” قد تعرض حياة البعثة للخطر.
وكان الجهاز الفني لمنتخب تونس وضع برنامجا استشفائيا للاعبين بعد المباريات، وتدريبات للاعبين الذين لم يشاركوا في المباراة، لكنهم تفاجأوا بالأمن يطلب عدم إتمام التدريبات لوجود تهديدات بمدينة ليمبي التي تشهد خلافات سياسية طاحنة وشهدت التعدي على الصحفيين الجزائريين قبل أيام.
انهاء مباراة مرتين قبل نهاية وقتها الأصلي
شهدت مباراة تونس ضد مالي في مجموعات كأس أمم أفريقيا واقعة مثيرة للجدل بعدما قرر حكم اللقاء إنهاءها مرتين قبل نهاية وقتها الأصلي.
وكان الحكم الزامبي جاني سيكازوي أعلن عن انتهاء المباراة أولا في الدقيقة 85، قبل أن يستأنفها بعد الاعتراضات، ليعود مجددا لإنهائها في الدقيقة 89 قبل انقضاء الوقت الأصلي أيضا، في الوقت الذي كان فيه منتخب مالي متقدما في النتيجة بهدف دون رد.
وأمام الاحتجاجات القوية للاعبين والجهاز الفني ل”نسور قرطاج”، قرر الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) استئناف المباراة، بعد ربع ساعة من الصافرة النهائية، بإدارة الحكم الرابع، وهو ما رفضه منتخب تونس الذي تقدم باعتراض مطالبا بإعادة اللقاء.
وأكد أنيس بن ميم، المحامي التونسي المختص في القانون الرياضي، على أن الكاف سيكون مجبرا على إعادة مباراة تونس ومالي في كأس أمم أفريقيا.
ويعتقد أنيس بن ميم، أن الكاف مجبر على إعادة المباراة طبقا لمقتضيات المادة 7 من قوانين لعبة كرة القدم التي تنص على أن: “أي مباراة يتم إنهاؤها قبل وقتها الأصلي تتم إعادتها، ما لم توجد نصوص تنص على عكس ذلك في لوائح البطولة أو قرار من المنظمين”.
وسيحسم الاتحاد الأفريقي لكرة القدم في هذه المسألة خلال الساعات القليلة القادمة، ولو أن مسألة إعادة المباراة تبقى صعبة من الناحية العملية بحكم عدم إمكانية إحداث تغييرات على جدول المباريات.
يذكر أن منتخب مالي تقدم في الدقيقة 48 بهدف إبراهيما كوني من ركلة جزاء، قبل أن يضيع وهبي الخزري فرصة تعديل النتيجة في الدقيقة 77 من ركلة جزاء تصدى لها حارس المرمى إبراهيما مونكورو.
منذر الكبير يعلق على فضيحة الحكم
استنكر منذر الكبير مدرب منتخب تونس ما قام به الحكم الزامبي جاني سيكاوزي خلال مباراة منتخب بلاده أمام مالي، في كأس الأمم الأفريقية 2022.
وكانت مباراة تونس ضد مالي شهدت أحداثا مثيرة للجدل بطلها سيكازوي، الذي أنهى المباراة مرتين قبل نهاية وقتها الأصلي، قبل أن يرفض استكمالها مجددا، ويقرر مسؤولو الاتحاد الأفريقي استكمال اللقاء بالحكم الرابع بعد خروج الفريقين من الملعب، لكن منتخب تونس رفض العودة وتقدم بطلب لإعادة المباراة.
وأكد منذر الكبير أن جاني سيكازوي حرم نسور قرطاج من العودة في اللقاء أمام منتخب مالي، عند إعلانه نهاية المواجهة قبل وقتها القانوني.
وقال الكبير، في تصريحات للصحفيين: “الحكم حرمنا من الاستفادة من النقص العددي الذي كان سينهي به منتخب مالي اللقاء، إثر إشهار البطاقة الحمراء في وجه اللاعب بلال توريه”.
وأضاف “إجمالي الوقت المتبقي والضائع كان من المفترض أن يصل إلى 10 دقائق، لكن سيكاوزي رأى عكس ذلك.
وتابع منذر “خسارة المباراة بتلك الطريقة القاسية لا يجب أن تحجب المردود الجيد الذي قدّمه اللاعبون، خصوصا في الشوط الثاني، رغم أننا أضعنا ركلة جزاء كانت كافية لتعديل الكفة”.
وختم منذر الكبير حديثه، قائلا: “جزئيات صغيرة تحكمت في اللقاء، علينا أن نركز على باقي المشوار للتعديل في مواجهتي موريتانيا وجامبيا، للمحافظة على حظوظنا في الترشح للدور المقبل”.
نشيد موريتانيا
كاد الموريتانيون ينسون النشيد الوطني الذي اعتٌمد منذ استقلال البلاد في الستينيات، لكن بطولة الأمم الأفريقية بالكاميرون، أحيت لهم ذكريات مليئة بالشجن.
فما إن بدأت مراسم بداية أول مباريات المنتخب الموريتاني الأولى في البطولة الأفريقية، ضد منتخب جامبيا، حتى أنكرت أسماع اللاعبين النشيد المعزوف، إذ غاب النشيد الوطني الرسمي، واستُبدل من قبل لجنة التنظيم الكاميرونية، بالنشيد القديم.
وأثار الخطأ التنظيمي وعزف نشيد الاستقلال، بدل النشيد الرسمي المعتمد حاليا، الكثير من الجدل بين الموريتانيين، لكنه أثار كذلك بعض الشجن، والحنين لنشيد سمعه الشعب على مدى حوالي 6 عقود.
فقبل سنوات من الآن وتحديدا في 16 نوفمبر 2017، اعتمد الشعب الموريتاني في استفتاء دستوري نشيدا وطنيا جديدا، وتم تغيير العلم القديم، بإضافة اللون الأحمر إلى جانبيه.
وبذلك ودع الموريتانيون إلى غير رجعة، أول نشيد يعزف في البلاد، وفي المحافل الدولية التي يشارك فيها البلد العربي الأفريقي، قبل أن يثير خطأ تنظيمي في الكاميرون الشجن من جديد.
قصة النشيد القديم
لم تكن من عقبة أمام النشيد الوطني الذي اعتمد إبان استقلال موريتانيا عن فرنسا في 28 نوفمبر عام 1960، حيث كان مواكبا لتلك المرحلة.
وعزف النشيد المؤلف من قصيدة بالشعر العربي الفصيح، تعود كلماتها لشاعر صوفي موريتاني توفي عام 1924، لأول مرة أمام الجمهور الموريتاني، فور إعلان الاستقلال.
ورغم أن كثيرا من الموريتانيين رأوا في السنوات الأخيرة، أن كلمات النشيد “القصيدة” لا تثير الحماس، إلا أن التعايش معه لعقود ظل سائدا.
تغيير النشيد
ومع تولي الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز مقاليد الحكم عام 2009، بدأت أولى المطالبات بتغيير النشيد، واستبدال كلماته بأخرى أكثر حماسا وارتباطا بالوطنية، وهي المطالب التي لقيت قبولا وصدى في الرئاسة الموريتانية.
وبرر المؤيدون لتغيير نشيد الاستقلال الذي كتبه الشاعر بابه ولد الشيخ سيديا، وطوعه للموسيقى العسكرية الفنان الفرنسي توليا نيكبروفيتسكي، مطالبهم بضرورة القطيعة مع إرث الاستعمار.
صنع في مصر
التقت إرادات كثير من الموريتانيين، في ضرورة تعديل النشيد، وقدمته الحكومة الموريتانية إلى استفتاء شعبي، إضافة تعديلات دستورية أخرى تلغي مجلس الشيوخ، الغرفة الثانية للبرلمان، بجانب تعديل العلم الوطني.
وبعد اعتماد التعديلات الدستورية، كلفت الرئاسة الموريتانية، فريقا من الشعراء بإعداد كلمات للنشيد الوطني، في قصيدة مشتركة، تعتمد الحماس والحس الوطني في أبياتها.
ثم كانت مرحلة تطويع القصيدة للنوتات الموسيقية، وهي المهمة التي أوكلتها وزارة الثقافة الموريتانية للموسيقار المصري راجح داود، الذي قام بتلحين النشيد الوطني الموريتاني الجديد في القاهرة بالتعاون أوركسترا القاهرة السيمفوني وكورال الأوبرا المصرية وهو العمل الذي استغرق منه بين أسبوعين وثلاثة أسابيع، وفق مقابلة مع على وكالة “رويترز”.
وقلدت موريتانيا الموسيقار المصري “وسام فارس” تكريما له لتلحينه النشيد الوطني الجديد الذي يبدأ بكلمات: بلاد الأباة الهداة الكرام…”، وأصبحت كلماته مؤخرا محل رضا كبير بين الموريتانيين، وتعودت عليه الآذان والألسن، غير أن لجنة التنظيم لبطولة كأس الأمم الأفريقية، بقيت وفية لنشيد استقلال موريتانيا.