الناشط الحقوقي عبدالفتاح يحمل الجزائر مسؤولية الوضع المتأزم في المخيمات. ويحذر من تداعيات انتهاكاتها الحقوقية.

قراءة في المقابلة الصحفية التي أجراها الناشط الإعلامي والحقوقي محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الانسان بالعيون، مع الجريدة الإلكترونية “بناصا”، حول الوضع الحقوقي في مخيمات تيندوف، على ضوء تداعيات

أكد الناشط الإعلامي المهتم بملف الصحراء، ورئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان بمدينة العيون، محمد سالم عبد الفتاح، على “أن الجزائر تتحمل مسؤولية حماية المدنيين الصحراويين بمخيمات تيندوف”، وربط ما بين “مسؤولية الدولة الجزائرية إزاء استهداف جيشها للمدنيين الصحراويين، وما بين الانتهاكات التي ترتكبها البوليساريو في حق قاطني المخيمات”. كما بسط في حوار مع جريدة بناصا الإلكترونية حول تداعيات حادثة مقتل مدنيين صحراويين على يد عناصر الجيش الجزائري قرب المخيات، أهم مظاهر تلك الانتهاكات الحقوقية، وانعاكسها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المخيمات وعلى ملف النزاع عموما.

وفي مقابلة صحفية أجراها الصحفي نور الدين لشهب مع المدافع الصحراوي عن حقوق الانسان محمد سالم عبد الفتاح، ونشرت يوم الثلاثاء 23 نونبر الجاري، نفى رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الانسان، “صدور أي بيان أو توضيح رسمي من أي جهة جزائرية أو حتى من البوليساريو”، موضحا أن “ما يرشح هو أنباء يتم يتداولها على نطاق واسع عبر منصات وتطبيقات التواصل الإجتماعي، حيث تتحدث بعض المصادر عن مدنيين يقطنان في مخيمات يتندوف، كانا بصدد نقل كميات من المحروقات إلى خارج المخيمات، داهمتهما دورية تابعة للجيش الجزائري وصبت على السيارة التي تقلهما وابلا من الرصاص، قبل أن تردي أحدهما قتيلا على الفور، فيما اختلفت المصادر حول مصير الضحية الآخر، ما بين أنباء تشير الى نقله جريحا الى مستشفى تيندوف وأخرى تفيد بمصرعه هو الآخر”.

الناشط الحقوقي محمد سالم أوضح أيضا انتماء ضحيتي الحادث الأخير لكبير ولد محمد المرخي ومحمد فاضل ولد لمام شغيبين، إلى ما وصفه بمكون اجتماعي “موسوم بالأقلية في تيندوف”، مشيرا إلى أن البوليساريو سبق أن استهدفت هذا المكون “عبر مخططات أمنية عنصرية واستئصالية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، من خلال إلصاق تهم العمالة والاندساس وغيرهما من التهم الجاهزة بالعديد من المنتمين لهذا المكون إلى جانب منتمين مكونات اجتماعية أخرى، ثم الزج بهم في المعتقلات السرية الرهيبة التابعة للبوليساريو”، ليؤكد على أن البوليساريو “لا تزال قيادة البوليساريو ترفض أي شكل من أشكال معالجة تلك الانتهاكات التي تدخل في نطاق الجرائم ضد الإنسانية”.

وردا على سؤال حول علاقة حادثة مدنيين صحراويين من طرف عناصر الجيش الجزائري، بالوضع الحقوقي بالمخيمات، أكد رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان على أنه “لا يمكن عزل هذه التجاوزات عن سياقها القانوني والحقوقي”. موضحا أن “دولة الجزائر هي المسؤولة عن أي انتهاك يطال حقوق ساكنة مخيمات تيندوف”، ليبين أن الأخيرة “تقع داخل التراب الجزائري”، مضيفا “أن السلطة الوحيدة المعترف بها دوليا هي الدولة الجزائرية وليست أي سلطة مفوضة أخرى، وبالتالي فالولاية القضائية للسلطات الجزائرية تشمل المخيمات طبعا”. ليوضح أن “البوليساريو ككيان سياسي لا يمكن أن يرقى إلى مستوى الدولة، والمجتمع الدولي لا يتعاطى معها على هذا الأساس، فكل المنظمات الحقوقية الدولية توجه أصابع الاتهام إلى الجزائر رأسا بخصوص الانتهاكات التي تطال ساكنة المخيمات، ولا تستفسر غير الجزائر” يضيف الإعلامي محمد سالم عبد الفتاح.

وبخصوص أهم مظاهر الانتهاكات الحقوقية المسجلة في مخيمات تيندوف، أوضح الناشط الحقوق محمد سالم أنها “تشمل كافة مظاهر الحياة”، مؤكدا أن “عديد المنظمات الحقوقية الدولية الوازنة تثير في تقاريرها السنوية التضييق الكبير على حرية تنقل ساكنة المخيمات، حيث تعكف السلطات الجزائرية على فرض نظام تراخيص التنقل عليهم، وهي تراخيص يمنحها الجيش الجزائري حصرا عن طريق البوليساريو”، ليضيف أن ذات التقارير تؤكد أيضا “الحرمان من حقوق اللاجئ المتعارف عليها دوليا، فرغم توقيع الجزائر على عديد المعاهدات الدولية المؤطرة لحقوق اللاجئين، إلا أنها تتنصل من مسؤولياتها إزاء ساكنة مخيمات تيندوف عبر تقديم البوليساريو كسلطة مشرفة عليها، فينجر عن هذا التنصل حرمان قاطني المخيمات من بطاقة اللاجئ، ومن الحق في الشغل وفي الحق الاستطباب والحق في التعليم وعديد الحقوق الأخرى”.

رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أشار أيضا في نفس المقابلة إلى أن “المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الانسان كهيومن رايتس ووتش، وأمنيستي وفرونت لاين وغيرها، تتحدث عن ظاهرة الإفلات من العقاب إزاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي ارتكبتها البوليساريو، والتي سبق أن ثبت تورط العديد من العناصر القيادية فيها”، مؤكدا على أن “الدولة الجزائرية تعطل المساطر القضائية المتعلقة بمعالجة تلك الجرائم، وتوفر الحماية للجلادين المتورطين فيها، عبر تمتيعهم بالحماية والحصانة من خلال منح بعضهم جوازات سفر دبلوماسية، أو حتى تهريب بعضهم بهويات مزورة”. ليستشهد بحالة تهريب زعيم البوليساريو براهيم غالي مؤخرا “حين تم تسفيره الى اسبانيا بغرض العلاج، رغم كونه متابع بعديد القضايا وبتهم ثقيلة لدى القضاء الاسباني، من بينها ممارسة التعذيب والاغتصاب والقتل خارج القانون”.

الناشط محمد سالم أكد في معرض حديثه على أن “التجاوزات الأكثر وقعا على ساكنة مخيمات تيندوف، هي تلك المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية”، موضحا “فرض نظام الحزب الواحد عليهم ممثلا في البوليساريو”، و”تعطيل مشاركتهم في أي شكل من أشكال العملية السياسية”، حيث مشيرا إلى “حظر دستور البوليساريو لتأسيس الأحزاب السياسية ولكافة التجمعات السياسية”، وإلى “منعه تأسيس الجمعيات أيضا، أو أي شكل من أشكال التأطير المدني”.

وحول انعكاس هذا الوضع الحقوقي على ساكنة المخيمات يرى رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، “أن تنصل الجزائر من مسؤولياتها القانونية إزاء مخيمات تيندوف، ينعكس سلبا على الظروف الاجتماعية والاقتصادية لقاطنيها”، مشيرا إلى “تسبب عدم تمكين منظمة غوث اللاجئين من الإشراف المباشر على المخيمات، في استغلال قيادة البوليساريو والمسؤولين العسكريين الجزائريين لتلك المساعدات والاغتناء من المتاجرة بها، وبالتالي حرمان ساكنة المخيمات وتعميق معاناتهم”. ليخلص إلى “أن حرمان ساكنة المخيمات من الحقوق المترتبة عن وضعية اللجوء، يكرس الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتأزمة أصلا، ويحرم ساكنة المخيمات من فرص الشغل والاستثمار المنعدمة فيها”.

“الأوضاع الإقتصادية والاجتماعية المتأزمة تدفع بالشباب لامتهان التهريب والأنشطة غير القانونية من قبيل التنقيب غير المرخص عن المعادن” يوضح الناشط الإعلامي محمد سالم. مضيفا أن ذلك “يعرضهم لمضايقات الجيش الجزائري الذي أقدم على تصفية بعضهم في حوادث قتل عديدة”. ليشير إلى أن هذه الأوضاع “تعمق حالة السخط والامتعاض التي يعيش على وقعها فئات واسعة من الشباب في المخيمات، ما يدفع ببعضهم إلى متاهات الجريمة المنظمة، والالتحاق بالجماعات الإرهابية في بلدان الجوار، وهو ما أثارته صحيفة التيلغراف البريطانية مؤخرا عبر تقرير حول الأوضاع في تيندوف”.

وبخصوص التداعيات السياسية للوضع الحقوقي المتدهور في مخيمات تيندوف، أكد رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان على “أنه يساهم في تأخير حل النزاع بشكل كبير”. مشيرا إلى أن “فشل البوليساريو في تدبير المخيمات، يتسبب في تعميق الوضع الانساني والاجتماعي الهش فيها، ما يدفعها لمحاولة تصدير أزمة التدبير الداخلية عبر التصعيد السياسي والعسكري”. ليخلص إلى أن “تورط بعض القيادات العسكرية الجزائرية وقيادة البوليساريو في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بشكل مباشر، يدفعهم الى عرقلة أي فرصة للتوصل إلى تسوية الملف، باعتبار أن انتهاء النزاع سيفتح الباب على مصراعيه أمام محاسبة المتورطين في تلك الجرائم والتجاوزات، وينهي أي مبرر لتأجيل طرق تابو الماضي الحقوقي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى