
تقويم الحركات الأزوادية لما تحقق من اتفاق السلم والمصالحة
أحمد ولد سيدي محمد – الأمين العام للحركة العربية الأزوادية (بلات فورم)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
إن الحركات الأزوادية / شمال مالي تتقاسم التقويم المشترك والمبسط الآتي، وذلك بهدف الإسهام في إنعاش وتطبيق هذا الاتفاق.
بعد انصرام أكثر من ثمانية شهور، فإن اتفاق السلام والمصالحة لا يزال يعاني من تأخر كبير في تنفيذ بنوده وأحكامه عن مواعيدها المقررة كما يعاني من عقبات جالبة للأضرار وسالبة للإرادة السياسية، وتطبيق ما تم الاتفاق عليه بين الأطراف المعنية.
إننا نعتبر أن وجود هذه الثقة بين كافة الأطراف الأزوادية والمالية إلى جانب الأطراف الأخرى من إخوة ووسطاء وشركاء اقتصاديين فاعلين ممن يريدون السلم ودعم الاستقرار لبلادنا ولسائر منطقة الساحل والصحراء، وفي الواقع، فإن أيا من المواعيد والتواريخ التي تم الاتفاق عليها في هذا الصلح وفي جميع الوثائق المبرمجة لتنفيذ الاتفاق وأقصد تلك التي تم الاتفاق عليها في إطار مجلس الإشراف على تنفيذ وثيقة الصلح المذكور لم تسلم من التأخر عن المواعيد المقررة فيما يتعلق بالتنفيذ.
إن غياب الإرادة السياسية المالية في تنفيذ أحكام هذا الاتفاق والتـأخر في تحرير وتنفيذ النصوص التشريعية والإدارية وكذلك الدستورية، والنقص في التشاور وإشراك جميع الأطراف في تصور وتحرير كبريات الأعمال التي تشمل تنفيذ الاتفاق وجوانبه المهمة وهو ما يؤثر سلبا في عملية تنفيذ الاتفاق.
ومن وجهة نظرنا الشخصية فإن المسؤولية في كل ذلك تقع على السلطات المالية بالتساوي مع الأطراف الضامنة أي مجموعة الوساطة وكافة الشركاء المرافقين في المفاوضات وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
في المسائل السياسية و الدستورية:
إن ملاحظاتنا العامة في هذا المجال أن عدم تطبيق جميع الأحكام المنصوص عليها يناقض السلام و الأمن والتصالح كما يناقض أهداف التنمية.
إن إنشاء السلطات الانتقالية لم يتم أو تأخر عن الآجال المقدرة له.
إن ولايات تاودن وميناكا إلى جانب مقاطعتي المسطارات وآشباغو غير عاملة لحد الساعة.
إن الحوار حول مسألة تمثيل أفضل لسكان أزواد / شمال البلاد في كبريات مؤسسات الدولة ومصالحها العامة وفي مختلف الإطارات الرسمية و الإدارية، هذا الحوار لا يزال غائبا.
ومثله كمثل افتتاح المجلس الأعلى للتجمعات الإقليمية الذي ما يزال منتظرا.
وكذلك مشروع المراجعة الدستورية بهدف الأخذ في الاعتبار والحسبان للإصلاحات الدستورية المنصوص عليها في الاتفاق لم يشرع فيه لحد الآن.
وكذلك مسائل تمثيل سكان أزواد / شمال البلاد في البرلمان كسائر المواطنين وزيادة عدد الدوائر الانتخابية، أو أية طرق أخرى مناسبة، فلم يتم شيء من ذلك حتى الآن.
في مجال الدفاع والأمن:
تم إنشاء اللجنتين الفنيتين للأمن (CITS) و (EMOV).
وكذلك (MOC) والمراسيم المتعلقة باللجنة الوطنية (DDR) واللجنة الوطنية للإدماج اللتين تمت المصادقة عليهما.
وقد سلمت كل منسقية من الحركات الأزوادية لائحتها إلى اللجنة الفنية للأمن من 12 موقعا الحاصلة بالأولوية من ضمن 24 موقعا المتفق عليها و17 موقعا تمت زيادتها وتأكدت لجنة الفرز من صلاحيتها من قبل طاقم الاعتراف التابع للجنة الفنية للأمن.
وقد قدم مشروع مرسوم من جديد إلى الحركات للنظر فيه ويبقى انتظار فتح المناقشة حول ذلك المشروع.
نقاط عدم التنفيذ:
حول اللجنة الفنية للأمن:
إن مسألة البت في التكفل بالجوانب في مجال الإنفاق على هذه اللجنة لم تحسم بعد لحد الساعة.
(MOC) مع الاعتراف بعدد وجاهزية القيادة المركزية لهذا الجهاز الذي يتحمل مسؤولية تأمين عمليات تجميع المقاتلين فإن هذا الجهاز ليس جاهزا للعمل حيث لم يعرف بعد نظام انتماء العاملين فيه ولم تعرف كذلك الوسائل اللوجيستية المتوفرة له.
اللجنة الوطنية للإدماج، أو اللجنة الوطنية للتنمية وإعادة الإدماج، لا يمكن أن تكون جاهزة ولا فاعلة ما دام المجلس الوطني لإصلاح نظام قطاع الأمن لم تتم مراجعته. مع أن مناقشة النصوص المتعلقة بإنشاء المجلس (CNRSS) قد بدأت ولم تتقدم بنتيجة تذكر حتى الآن.
أما التزام الحكومة تجاه ما قبل تجمع المقاتلين فلم يحصل فيه تقدم يمكن الاتفاق عليه.
أما مسألة المرور الحر للأشخاص والممتلكات فتبقى مطروحة بالنسبة لجميع المناطق في أزواد.
التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
نقاط تقدم: إن مهمة تقويم الحاجيات الضرورية قد تم القيام بها من قبل بعثة للتعرف والتقويم المشتركة وقد تقدمت مجموعتا حركات أزواد: (CMA PF ) (MIEC) بمذكرة تعقيب على تقرير هذه الجنة المشتركة (MIEC).
وتقدمت كذلك بجدولة لمخطط إعادة افتتاح المدارس.
وتم القيام بندوة في باريس حول تمويل مشاريع أزواد / شمال البلاد استباقا لمرحلة تحضير الإستراتيجية التموينية للمناطق الأزوادية.
نقاط عدم التنفيذ: إن المهمة التي قامت بها البعثة المشتركة (Le MIEC) قد تمت دون مشاورة ولا مشاركة كافة الأطراف المعنية، ولم تشمل كذلك سائر مناطق أزواد.
ولذلك فإن المصالح الاجتماعية الأساسية كالمدارس لم تكن فاعلة حتى الآن في أغلب المواقع في أزواد.
وإن بعض الشركاء الاقتصاديين والفنيين لم يؤكدوا حتى الآن مساهماتهم المالية المعلن عنها في ندوة باريس.
وهو ما يدعو بالضرورة إلى تنظيم ندوات أخرى التماسا للتمويل في الوقت المناسب.
ويدعو إلى التفكير بكامل الجدية في كيفيات حكامة مسئولية وإدارة وتدبير نزيه للأموال المعلن عن الحصول عليها، وهو ما لم يتم الالتزام به حتى الآن.
إن المخطط الاستعجالي الإنساني لم يشرع في تنفيذه بعد.
إن الحركات الأزوادية الموقعة للاتفاق لم تشرك ولم تدع إلى الاجتماعات الفنية لإعادة استصلاح المناطق الأزوادية قبيل اندلاع النزاع في أزواد.
إن النقاش حول الإستراتيجية النوعية للتنمية في المناطق الأزوادية ولا سيما ما يتعلق بإنشاء وتنظيم صندوق التنمية الطويل الأمد وهو الأمر الذي لم يتم الشروع فيه لحد الآن.
وبالجملة فإن الملاحظ لدى الحركات الازوادية في المجموعتين (CMA PF) هي: أن الحكومة في جنوب البلاد ما تزال ماضية في تعيين مديرين في أقاليم الشمال لوكالات التنمية في أزواد على أسس تناقض نصوصا في الاتفاق (Article 40).
الحق والعدل والتصالح
نقاط التقدم:
إنشاء لجنة الحق والعدل والتصالح (VUR)، وإتمام ملتقى التصالح بين منسقيتي الحركات الأزوادية دون مشاركة أي طرف ثالث في أنفيف متبوعة بملتقيات مختلفة بين قوميات أخرى في أزواد شمال البلاد دون أي وسيط.
التسويف والتأخير:
إن تسريح المحتجزين بسبب النزاع المسلح بين الشمال والجنوب في البلاد وتحريرهم لم يصبح أمرا مكتملا بعد كما أن حالات الاختفاء والاستتار للأشخاص لا تزال قائمة.
إن لجنة الحقوق والعدل والتصالح لم تكن نشطة ولا فاعلة رغم المرسوم الصادر بتوسيعها.
أما اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق المنصوص عليها في اتفاق السلام، فهي لم تظهر بعد إلى الوجود.
ولم تظهر كذلك في الأفق أي آمال واضحة المعالم بهدف رجوع منظم لمئات الآلاف من اللاجئين، ولا لظهور اهتمام جاد بتجهيز مواقع تجمعاتهم كما نص عليها ميثاق السلام والمصالحة المذكور.
والخلاصة أنه بالنظر إلى ملاحظاتنا الآنفة الذكر، وبكل جدية وموضوعية، فإن حركاتنا الأزوادية الموقعة على الاتفاق، والمحبة للسلام والحق والعدل والتصالح تُذَكِرُ كافة محبي العدل والسلم في منطقتنا وفي العالم، كما تذكر كافة سكان الجنوب في البلاد المالية كلها، وكل إخواننا في مجموعة دول الجوار، أننا لم ندخر أي جهد ممكن منذ ما يربو على ثمانية أشهر متتالية من أجل التوقيع على اتفاق يحفظ لنا ولأشقائنا في جنوب البلاد قسطا من الحقوق، وفي جميع دول الساحل والصحراء من أجل الإسهام والمشاركة الإيجابية في تطبيق الاتفاق بعد توقيعه، احتراما لما نصبوا إليه من سلم وحق وعدالة ومصالحة لصالح الجميع.
ونبقى بعد كل ما أعلناه ونعلنه صراحة وتلميحا، على قناعتنا التامة بأن لا حل لنا أجدى ولا أنفع في شمال البلاد ولا في جنوبها من تطبيق صارم لكافة نصوص وأحكام هذا الميثاق الذي تم التوصل إليه بين جميع الأطراف والأطراف الدولية الراعية لهذه المسيرة الطويلة والضامنة لتنفيذ التطبيق بما في ذلك أعضاء مجلس الأمن و الأمم المتحدة.
ونشكر ونقدر كافة باذلي هذه الجهود من طرف محبي الحق العدل والسلام ونعتقد فيهم الوفاء والصدق و المسؤولية التاريخية.
وفي الختام يجدر بنا أن نذكر أن إنشاء وتفعيل السلطات الانتقالية يكتسي طابع الاستعجال، خصوصا لمساعدة شعبنا في أزواد في أن يكون له قسط من الثقة في الإرادة السياسية لإخوتنا في الجنوب، ونرى من المهم للغاية، أن نوضح طبقا لروح الاتفاق ولخريطة الطريق أنه ليس لهذا الاتفاق غير ثلاثة أطراف أساسية وأنه لا يمكن لأي اعتبار آخر ولا ينبغي له أن يجنح إلى إنشاء طرف أو أطراف أخرى مهما تكن الأسباب.
ومن الملاحظ بهدف الصراحة المريحة أنه بفعل شيوع الإرهاب في منطقتنا، ولكن – والله يقول الحق – بفعل ظلم واعتداءات القوات المسلحة المالية وقوات الأمن، وتصرفات مخلة بوقف إطلاق النار من قبل مجموعات مسلحة غير موقعة على الاتفاق، فقد تدهور الأمن كثيرا بعد توقيع الاتفاق.
وتضاعفت أعداد الضحايا من السكان المدنيين العزل ومن الحركات الأزوادية الموقعة للاتفاق ومن القوات المسلحة المالية وقوات الأمن ومن القوات الدولية كذلك (MINISMA وباركان).
إن مضاعفة الاعتداءات ضد السكان يجب أن تنتهي، وكذلك اختراقات حقوق الإنسان يجب التحقيق فيها بسرعة وجدية وأن تكون ذات مصداقية.
وعلى سبيل المثال فإن مجزرة المدنيين التي وقعت أخيرا بين تمبكتو ومقاطعة كندام التابعة لها يوم 15/01/2016 من طرف القوات المسلحة المالية، هي مثال صارخ وخطير للغاية ولا نظير له منذ توقيع الاتفاق والذي يمثل تهديدا جديدا للسلام ولتطبيق الاتفاق ويزلزل الثقة في الإرادة السياسية في الجنوب. وبالجملة، فإن قيادات الحركات الأزوادية في المنسقيتين الموقعين للاتفاق والمهتمتين بالمسيرة السلمية الراهنة، وبالوحدة الوطنية المأمولة، توصي بحزم وقوة بالإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة انتقالية، ونناشد كذلك كافة القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، والضامنة لتطبيق الاتفاق إلى تحمل مسؤولياتها بكل نزاهة وتجرد، والاهتمام بالتطبيق الفعلي للاتفاق قبل وصول الأمر إلى ما لا يمكن تداركه أو إصلاحه.