
ذاكرة ملكة الطوارق تينهينان بمتحف “باردو
يعرض المتحف الوطني العمومي “باردو” بمقره بالجزائر العاصمة المجموعة المتحفية الجنائزية لملكة الطوارق تينهينان قبل نهاية العام الجاري، حسب ما صرح به لوكالة الأنباء الجزائرية، رئيس مصلحة الاتصال والتنشيط بالمتحف تيجدام خليفة.
وسيعرض “باردو”، الذي افتتح أبوابه مؤخرا للزوار بعد أشهر من الإغلاق نتيجة انتشار فايروس كورونا، الهيكل العظمي لتينهينان ومجوهراتها وأوانيها الخاصة بالطقوس الجنائزية، حيث يعود آخر عرض لهذا المعلم إلى عام 2006 تاريخ انطلاق أشغال الترميم بالمتحف.
وأرجع خليفة سبب عدم عرض المجموعة المتحفية الجنائزية لتينهينان في المتحف إلى غاية اليوم إلى “غياب الوسائل التقنية الملائمة من تقنيات عرض حديثة تناسب هذا المعلم الأثري بالغ الأهمية”.
ويعود الهيكل العظمي لتينهينان ومجوهراتها إلى القرن الرابع ميلادي، غير أنه لم يتم اكتشاف موقع دفنها إلا في عام 1925 من طرف بعثة فرنسية أميركية مشتركة في “أباليسا” بالأهقار بولاية تمنراست (أقصى جنوب الجزائر).
وتم العثور بجانب الهيكل الخاص بالملكة على مجموعة نادرة من التحف الثمينة والمجوهرات نقلت إلى الولايات المتحدة الأميركية لمدة 5 سنوات لتعود إلى الجزائر وتعرض بمتحف “باردو” إلى غاية 2006.
واسم تينهينان مشتق من لهجة “تماشاق” (لهجة الطوارق الأمازيغ) ومعناه في العربية “ناصبة الخيام” أو “القادمة من بعيد”، وقد قدمت هذه الملكة الأمازيغية، التي عرفت بحكمتها ودهائها، من منطقة “تافيلالت” بالمغرب الحالي لتجد نفسها بمنطقة الأهقار تحكم مملكة مترامية الأطراف.
وكان “باردو” (المتحف الوطني العمومي لما قبل التاريخ والأنثروبولوجيا) قد أعاد افتتاح أبوابه مؤخرا للزوار بعد حوالي ستة أشهر من الإغلاق نتيجة انتشار فايروس كورونا.
المتحف يعيد افتتاح أبوابه للزوار بعد حوالي ستة أشهر بعرض المجموعة المتحفية الجنائزية لملكة الطوارق تينهينان
واعتمدت إدارة المتحف العديد من الإجراءات الوقائية كتقليص الزيارات من خلال منع وفود الطلبة وتلاميذ المدارس وفرض الارتداء الإجباري للكمامات والقيام بالتهوية الطبيعية للأماكن، وكذا التنظيف واستعمال المحلول المطهر وقياس درجات الحرارة عند الدخول بالإضافة إلى الاستعانة بمسّاحات الأحذية والملصقات المذكرة بتدابير الوقاية، وفقا لرئيس مصلحة الاتصال والتنشيط.
غير أن أعداد الزوار حاليا “لا تزال متواضعة” مقارنة بما كانت عليه قبل الإغلاق في شهر مارس، حيث يوضح خليفة أن “أغلب الزوار هم من العاصمة”.
ويفتتح المتحف أبوابه كل يوم من التاسعة صباحا وإلى غاية الرابعة مساء ما عدا يومي الجمعة والسبت (السبت بسبب إجراءات الحجر الصحي) حيث يبلغ سعر تذكرة الدخول 200 دينار جزائري للفئة العمرية ما بين 16 و65 سنة، في حين أنها مجانية للآخرين، مع تخصيص تخفيضات.
ويلفت خليفة إلى أن إدارة المتحف كانت قد استغلت فترة الحجر في ترميم بنايات المتحف وتنظيم زيارات افتراضية لمعارضه الدائمة وغير الدائمة، كما نظمت ورشات بيداغوجية لصالح الأطفال وهذا عبر صفحة المتحف في فايسبوك وموقعه الإلكتروني.
وتم تشييد “باردو” في أواخر القرن الثامن عشر إبان العهد العثماني، ليتم تحويله إلى متحف عام 1930 في الحقبة الاستعمارية الفرنسية، وهو يختص في عرض آثار ما قبل التاريخ بالإضافة إلى المقتنيات الإثنوغرافية.
ومن أهم معروضات المتحف، إضافة إلى الهيكل العظمي لتينهينان ومجوهراتها وأوانيها، لقى أثرية من موقع عين لحنش بسطيف (شرق الجزائر) وهي عبارة عن أحجار وعظام يعود تاريخها إلى مليونين وأربعمئة ألف عام، وهي تعرض بالمتحف منذ 2016.
ويعتبر علماء الآثار موقع عين لحنش “أقدم تواجد بشري بشمال أفريقيا وثاني أقدم تواجد بشري في العالم” بعد موقع “قونا” في إثيوبيا الذي يعود تاريخه إلى “مليونين وستمئة ألف عام”.
كما يتميز المتحف بعرضه للفك السفلي للإنسان “الأطلسو – موريتاني” المكتشف بموقع تيغنيف بمعسكر (غرب الجزائر)، والذي يعتبر أقدم إنسان بشمال أفريقيا إلى حد الآن.