
شمال مالي.. هل انكسر حلم الاستقلال أم تجدد؟
تنبكتو :الراصد
رغم مضي نحو ستة أشهر من تاريخ توقيع اتفاقية السلام والمصالحة في مالي لا تزال مدن مالية عديدة تسيطر عليها الحركات الأزواية المطالبة بالإنفصال وحتى المتعاملة مع الحكومة المالية،من ضمن هذه المدن مدينة بير الواقعة حوالي 60كلم شرق تين بكتو، فيها لا يمكن رؤية علم دولة مالي ففي كل مكان بالمدينة التي كانت يوماً ما من عواصم الجيش المالي ، يوجد علم الحركة الوطنية لتحرير أزواد المعروف بعلم أزواد، ألوانه مرسومة على الجدران، ويرفرف على المنازل والسيارات ونقاط التفتيش التابعة لمسلحي الحركات الأزوادية في الشوارع، وعلى جدار مطل على أحد الطرق الرئيسية يظهر شعار مكتوب يقول: ”نريد الحرية“. و آخر ”جمهورية أزواد الحرة“.
وتنتشر المطالبات بالانفصال وتزداد مع الوقت وسط صراعات لا تعد ولا تحصى بين حركات مسلحة مطالبة بالانفصال وأخرى موالية للحكومة المركزية.
حسين أغ عيسى مسؤول الإعلام والمتحدث بإسم الحركة الشعبية لإنقاذ أزواد التي تسيطر على مناطق وعلمها يرفرف 30كلم غرب تين بكتو يوضح لـ”لراصد” سر وضعهم للعلم الخاص بهم بدلا من العلم المالي رغم توقيعهم على وحدة الأراضي المالية و اعترافهم بعلمانيتها، قائلا: “خلال السنوات الأخيرة زرع شعب الشمال الأعلام الخاصة بالحركات في قلوبهم كعلم لهم، الآن من الصعب إقناعهم بتغييره بالعلم المالي الذي يطلقون عليه علم المستعمر، يحتاجون وقتا للتعوُّد، مثلا قد يقتنعوا بعد خطوة الدوريات المشتركة مع الجيش المالي التي ينص عليها الاتفاق كخطوة في إعادة الثقة بين الأطراف، لنزع الخوف في قلوب الشعب، حين إذن يمكن استعمال العلم المالي في حال استمرارية الإتفاقية”.
مؤكدا بأنهم لن يتخلوا عن علمهم قبل أن يندمج الجميع في الجيش المالي وتكون القيادة واحدة باحترام بنود الاتفاقية.
ويتناقض حديث العبد ولد سيدي محمد عضو الحركة العربية الأزوادية الانفصالية مع حديث أغ عيسى، بقوله، “واجبنا الدفاع عن أزواد، إذا قلنا الدفاع عن أزواد يعني الدفاع عن علمه أيضا فالعلم رمز من رموز الدولة وثقافة يجب الحفاظ عليها”.
ولا يخفى ولد سيدي محمد بأنهم لا يثقون بالحكومة المالية في تطبيق الاتفاقية إلى حد الآن، مشيرا إلى أن المعركة التي قد تكون في نهاية المطاف من أجل الحرية و الإستقلال ليست ببعيدة في حال فشل تطبيق ما تم الاتفاق عليه.
ويضيف “أليس عندنا الحق في الحفاظ على عَلمِنا كما هو حال شعب موناكو في قلب فرنسا التي تستعمل علمها زيادة على العلم الفرنسي ، وبالتالي نحن في الحركات الأزوادية تخلينا عن الكثير من مطالب الشعب الذي حمل السلاح ضد حكومة باماكو لكن لن يدوم ذلك طويلا إن لم تُغير الحكومة سياستها تجاه الشمال”.
من جهته يعارضهم محمد توري قائد في حركة المقاومة قندكوي المتواجدة في الشمال المالي الموالية للحكومة المالية والتي طالما حاربت الانفصاليين، قائلا: “ما يؤجج مشاعر الانفصاليين في شمال مالي، هو الاعتقاد المتزايد بأن هم قوة لا يمكن تواجهها لأنها مدفوعة من قبل دول قوية، ولذا هم وقعوا على الاتفاقية ولكنهم ينظرونها نظرة ضيقة ستة أشهر بعد التوقيع على الاتفاق ولا يزالون يحتفظون بشعاراتهم الوهمية”.
مشيرا الى أن “لكل حركة علم خاص بها فكيف لها أن يكون علم خاص بالمنطقة”.
يضيف توري “بالفعل بعد التوقيع على الاتفاق انضم أعضاء من المجموعة الرئيسية المؤيدة للاستقلال، إلى القوات الخاصة بالحركات الموالية لمالي في دفاعهم ضد المتمردين”.
تجدر الإشارة إلى أن المؤشرات كانت توحي بالانفصال لكن الكثير من المراقبون حذروا من حدوث ذلك.
الوضع الخطر في مالي الآن لا يسمح بظهور تمرد جديد فمستقبل مالي في وحدتها حسب مراقبون، لكن هناك بُعد آخر وهو أن أي شخص يعمل حاليا في حملة إقناع الشعب سوف يكون سطحياً، لأنه يشعر الكثير من سكان شمال مالي إقليم أزواد أنهم سيكونون بحال أفضل لو انفصلوا، لكن يبدو أن الرياح لا تجري كما تشتهي السفن.
تعيد المواجهة الوشيكة حالياً ذكريات اتفاقية عام 1993 بين الحركات الانفصالية آن ذاك والحكومة التي وصفها الشعب بالمدمرة، عندما تم التوقيع عليها استبق تطبيقها معارك واغتيالات”.