
عملة إيكو(ECO) لدول غرب إفريقيا: بين تعزيز السيادة النقدية والمكاسب الاقتصادية
✳️ إ ن أول مكسب للدول المتعاملة ب FCFA, في تبني عملة جديدة هو المكسب السياسي في استعادة السيادة الوطنية و إنهاء الهينمة الفرنسية على سياستها النقدية. وإنهاء تلكم الوصاية سيسمح لهذه الدول بإدارة سياساتها الاقتصادية بفعالبة عالية تولي الاهتمام بتمويل الاقتصاد الوطني الذي يعاني من بطالة هيكلية نتيجة سياسة تبعية عملة FCFA لفرنسا في استهداف التضخم فقط ciblage de l’inflation, المعمول به في الاقتصاديات المتقدمة.
✳ انضمام دول CEDEAO الأخرى التي لها خبرة امتدت لعقود و تجربة جيدة في إدارة العملات الوطنية مثل غانا ونيحيريا سيمثل عامل قوة للعملة الوليدة ويفتح آفاقا جديدة تساهم في تسهيل التبادل التجاري بين هذه الدول.
✳️ حرصت فرنسا أن تبقي مستعمراتها تحت سيطرتها في المجال الاقتصادي وبخاصة إصدار العملات والاحتفاظ بحق حجز نصف الاحتياطيات Réserve d’échange في خزاتها المالية، ولكن مع ذلك يجب أن نتخلى عن الخرافة التي يروج لها بعض الشعبويين الأفارقة بأن فرنسا بدون دول سيفا سينهار اقتصادها ويتوقف عن الحياة، ولنعلم أن المبالغ الإفريقية المحجوزة لديها لا تمثل شيئا كبيرا في اقتصاد فرنسا، كما لايمثل مجموع اقتصاد الدول ال١٤ المتعاملة بعملة FCFA سوى ٧٪ من اقتصاد فرنسا.
✳️ يرجع تشبث فرنسا بعملة هذه الدول إلى عوامل جيوسياسية géopolitiques, لتعزيز تموقعها العالمي في الهيئات والمنظمات العالمية؛ لذلك يجتمع كل وزراء المالية لدول سيفا سنويا في شهر أكتوبر في باريس لتجديد ولائها(عبوديتها) والاستماع لإملاءات السيد فرنسا قبل أن يسافروا جميعا إلى اجتماع جمعية الأمم المتحدة.
✳️ تخفيض قيمة العملة الجديدة في مقابل يورو EURO, إن حدث ذلك فليس بأمر سيء ولا خطير، بل يرى كثير من الاقتصاديين وكاتب هذه السطور، أن القيمة الحالية لعملة سيفا في مقابل يوروEURO لا تخدم اقتصادياتنا الوطنية في السوق العالمية التنافسية، بل تضعف تنافسية الصادرات الإفريقية المتواضعة أمام نظيراتها الأخرى العالميةوتشجع على الاستيراد، والنتيجة في النهاية عجز في ميزان المدفوعات balance de payement.
تحيط إصدار عملة ECO تحديات عظام وصعوبات جسام، نجملها فيما يلي:
١- يشترط نيجيريا أكبر اقتصاد في منطقة CEDEAO, ان تنفصل دول سيفا عن الوصاية الفرنسية كشرط ضروري ولازم لنجاح العملة الوليدة، بينما يميل ساحل العاجل الى استمرار ربط العملة الجديدة بسعر صرف ثابت parité fixe, مع العملة الأوروبية Euro بإشراف فرنسي، وتجاوز هذه التجاذبات يمثل أحد أكبرالتحديات للمجموعة.
٢- يتجلى التحدي الثاني في الفساد الاقتصادي corruption, المتجذر في النخبة الإفريقية الحاكمة، فإدارة العملة والسياسة النقدية تحتاجان إلى كفاءات نزيهة وجريئة ومستقلة.
٣-يجب على الدول الإفريقية ان تعتمد على مواردها المالية والعمل على استثمارها بشكل فعال، كما يجب عليها كذلك أن تستأصل فكرة التسول على الدول الأخرى والمنظات المالية الاستعمارية.
٤- يحتاج الإنسان الإفريقي( النفر الإفريقي) إلى استعادة الثقة بنفسه و الاحتفاء بكفاءاته الوطنية، فأكبر الهزائم التي يلحقها الأعداء بالأفارقة هو زرع الرعب في قلوبهم وتشكيكهم بقدراتهم ومواهبهم. القنوات الفرنسية وعملاؤهم الأفارقة يروجون لفكرة ” les africains ne sont pas assez mûres pour gérer leurs propres monnaies ” الأفارقة أقل كفاءة ونضجا لإدارة عملاتهم”
٥- لا ينكر أهمية الانفصال عن العملة الاستعمارية -مع كل التحديات المذكورة- إلا مكابر عنيد أو عميل لفرنسا مبين.
الأستاذ عمر عبدالله بولي: أستاذ العلوم الاقتصادية بمعهد الشيخ زايد للعلوم الاقتصادية والقانونية -بماكو- مالي.