لجنة أممية تدعو إلى إقرار فوري للقانون التنظيمي للأمازيغية وإنهاء التمييز ضدها

بفضل تقارير الإطارات الأمازيغية أصدرت لجنة الخبراء المكلفين بدراسة التقرير الرسمي للدولة المغربية المقدم للجنة الأممية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دورتها السادسة والخمسين بجنيف، يومي 30 شتنبر و01 أكتوبر 2015، دعت فيه المغرب إلى الإقرار الفوري بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية كما يقتضي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ودعت اللجنة الأممية الدولة المغربية بالعمل في أسرع وقت ممكن على إقرار القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية المنصوص عليه في الفصل الخامس من الدستور المغربي قبل أربع سنوات، والعمل على مضاعفة الجهود الرسمية من أجل ضمان إدماج وتعميم تدريس الأمازيغية ليشمل التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي، بالإضافة إلى الرفع من حضور الأمازيغية في الإعلام العمومي، وإيجاد حل نهائي لمنع تسجيل الأسماء الأمازيغية للمواليد الجدد.

وطالب ذات اللجنة الأممية الدولة المغربية كذلك بمناهضة التمييز ضد الأمازيغية خصوصا في مجال التعليم والتشغيل، وإقرار قانون متكامل لمنع كافة أشكال المباشر وغير المباشر، والعمل على إقرار تدابير استثنائية مؤقتة إن اقتضى الأمر لوضع حد للتمييز.

قضية نزع الأراضي بدورها كان لها حضور في تقرير اللجنة الأممية التي طالبت الدولة المغربية بوضع حد للترامي على الملكية، ونزع الأراضي وتهجير السكان، مع وضع خطط تنموية للمناطق المهمشة ومحو الفوارق بين الجهات والمناطق.

وطالبت ذات اللجنة المغرب بالعمل على احترام التعدد الثقافي، وضمان مشاركة الناطقين بالأمازيغية في الحياة الثقافية، والتعبير عن هويتهم والتعريف بعاداتهم وتاريخهم ولغتهم، وتوفير إحصائيات ومعطيات دقيقة بشكل منتظم حول التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. مع العمل على نشر وتعميم مضامين الملاحظات والخلاصات الختامية لدى المسؤولين العموميين والسلطات القضائية والمحامين وعموم المواطنين. وإشراك الجمعيات المدنية في الحوار الوطني حول إعداد التقرير المقبل، الذي حددت اللجنة موعد تقديمه في 31 أكتوبر 2020.

هذا وكان سبعة إطارات أمازيغية ضمنها التجمع العالمي الأمازيغي قد قدمت تقاريرها حول وضعية الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية في المغرب إلى اللجنة الأممية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وهو ما برز بشكل واضحا في الإهتمام الذي أولته اللجنة للقضية الأمازيغية والدقة التي صاغت بها توصياتها الموجهة للدولة المغربية، وننشر أسفله تقرير التجمع العالمي الأمازيغي للجنة الأممية الذي يبرز بشكل واضح استمرار التمييز ضد الأمازيغية في كل المجالات بعد أربع سنوات من ترسيم غير مفعل للأمازيغية.

 

التقرير الموازي للتجمع العالمي الأمازيغي الموجه للجنة الأممية المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دورتها 56

في إطار المادة 16 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

 

نُوقِش، يومي الأربعاء والخميس، 30 شتنبر  وفاتح أكتوبر 2015/ 2965 ، بجنيف، التقرير الدوري المغربي الرابع حول إعمال مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أمام اللجنة الأممية المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دورتها 56.

وقد عرفت هذه الدورة حضور العديد من الجمعيات غير الحكومية الأمازيغية (تامازغا، تاماينوت، ازطا امازيغ…) بالإضافة إلى الجمعية المغربية لحقوق الانسان وجمعيات صحراوية..والتجمع العالمي الامازيغي الذي وجّه  للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأمم المتحدة، تقريرا تحت عنوان “المملكة المغربية وحقوق الامازيغ”، والذي تمت صياغته بمناسبة مناقشة التقرير الدوري الرابع للمغرب حول إعمال مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أمام اللجنة الأممية المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دورتها 56.

ودافع رشيد راحا رئيس “التجمع العالمي الامازيغي” عن هذا التقرير، الذي تضمن أهم الانتهاكات الصارخة لحقوق الأمازيغ المرتكبة من طرف السلطات المغربية، أمام مجموعة من الخبراء الأمميين. وقد تم نشر تقرير التجمع العالمي الامازيغي على الموقع  الالكتروني للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأمم المتحدة.

ديــــــبــــــــــــاجــــــــــــــــــــــة:

وقعت المملكة المغربية بتاريخ 19 يناير 1977 على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966، كما صادق المغرب على هذه المعاهدة المتعددة الأطراف، التي دخلت حيز التنفيذ منذ 3 يناير 1976، وذلك في 3 ماي 1979. وينص الدستور المغربي الجديد على أولوية القوانين والاتفاقيات الدولية على القوانين المحلية من خلال التنصيص في ديباجته على “جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة”، وكذا “حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان”.

ويكفل الدستور المغربي، وفقا للمادة 31، بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وذلك من خلال التنصيص على ما يلي: “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في: العلاج والعناية الصحية؛ والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛ والحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة؛ والتنشئة على التشبث بالهوية المغربية، والثوابت الوطنية الراسخة؛ والتكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية؛ والسكن اللائق؛ والشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي؛ وولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق؛ والحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة؛ والتنمية المستدامة.”

ومع ذلك، ورغم تصديق المملكة على العهد المذكور واعتماد دستور جديد منذ أربع سنوات، إلا أن الدولة والسلطات المغربية لا تحترم المقتضيات القانونية ولا تعبر عن أي إرادة سياسية لترجمة بعض المبادئ والقواعد الدستورية على أرض الواقع، وخاصة فيما يتعلق بحقوق السكان الأصليين الأمازيغ، رغم أنهم يشكلون غالبية سكان المغرب حيث يتواجدون بكثافة في أعالي الجبال بمنطقة الريف، وفي مدن وقرى جبال الأطلس المتوسط والأطلس الكبير وسط البلاد، وفي وادي سوس، وجبال الأطلس الصغير وفي المناطق الصحراوية بالجنوب الشرقي للمملكة.

مقــدمـــــــــــــــــــــــــة:

ينص الدستور المغربي الأخير( فاتح يوليوز 2011) في ديباجته على : “حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان”.

إلا أن المملكة المغربية لا تزال مستمرة في انتهاك أبسط الحقوق للسكان الأمازيغ من خلال انتهاج سياسة التمييز ضدهم، وذلك رغم مرور أربع سنوات على اعتماد الدستور الجديد، وتسع سنوات على انعقاد الدورة السادسة والثلاثين للجنة الأممية المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (DESC).

لايزال الأمازيغ، وهم غالبية سكان المغرب والذين يشكلون نسبة كبيرة من ضحايا سنوات الرصاص خلال حكم الراحل الملك الحسن الثاني، محرومون من الوصول إلى مراكز السلطة، باستثناء “أمازيغ الخدمة”، مجبرين على العيش في الهوامش منعزلين في الجبال والمناطق المعزولة.

أنهم محرومون من حق تأسيس أحزاب سياسية أمازيغية، في الوقت الذي  يُسمح فيه بإنشاء العشرات من الأحزاب السياسية على أساس الايديولوجية العربية-الإسلامية. ورغم أن الدستور الدستور المغربي، الذي جاء عقب الحراك الاجتماعي الذي قادته حركة 20 فبراير الشبابية، يعترف بالهوية الأمازيغية وبالطابع الرسمي للغة الأمازيغية، فإن السلطات المغربية لا تزال، للأسف، تمارس سياسة ميز عنصري مضمرة مناهضة لكل ما هو أمازيغي. وهي السياسة التي كانت لنا فرصة التنديد بها أمام المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان (السيدة نافي بيلاي) خلال زيارتها للمغرب في 28 ماي 2014(ملحق 1: http://amadalpresse.com/RAHA/Lettre17.html).

وكانت اللجنة الأممية المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (DESC) قد ناقشت التقرير الدوري الذي تقدمت به الدولة المغربية، المقدم أمام دورتها 36 المنعقدة ما بين 1 و 19 ماي 2006 بقصر الامم بجنيف، وأصدرت بشأنه خلاصات ضمنتها، على الخصوص، أهم مواضيع الانشغال وكذا توصيات اللجنة. ولم يتم تنفيذ التوصيات الاساسية المنبثقة عن أشغال اللجنة سنة 2006، كما هو الشأن بالنسبة لتلك المتعلقة بسنوات 1994 و2000. وهو ما يوضح بجلاء ان الدولة المغربية لا تأخذ محمل الجد وبشكل مسؤول مجمل مواضيع الانشغال التي أثيرت حول تقارير المغرب التي ناقشتها اللجنة في دوراتها السابقة.

ونأمل هذه المرة أن تنهج الدولة المغربية، بعد مناقشة هذا التقرير الدوري الرابع طبقا للمادتين 16 و 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بشكل لا رجعة فيه سياسة صادقة وطوعية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المواطنين عموما، وتجاه  الأمازيغ منهم بشكل خاص.

أهم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الامازيغ:

نقص البيانات والاحصائيات المتعلقة بالامازيغ:

وضمن المواضيع التي حظيت بانشغال لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأمم المتحدة سنة 2006، هناك بعض النقاط المهمة  التي أوردتها اللجنة ويتعلق الامر بـ:

بخصوص هذه المسألة، قامت الحكومة المغربية بإجراء إحصاء عام سنة 2004، حيث عمد المندوب السامي للتخطيط على تزوير نتائجه. حيث جعل نسبة الأمازيغ والامازيغفونيين لا تتعدى 28٪ ، وهي نسبة ضئيلة تقل عن عدد المتكلمين بالفرنسية، أي نحو عشرة ملايين شخص.

ولم يتورع هذا المسؤول الكبير، ونعني به أحمد لحليمي، بدافع الاعتبارات الأيديولوجية والعنصرية، في ارتكاب نفس الأخطاء مرة أخرى وذلك من خلال زييف نسبة الأمازيغفونيين خلال الاحصاء الأخير، الذي جرى في سبتمبر 2014، والذي لم تُعلن نتائجه المفصلة بعد، رغم مرور حوالي سنة، وهو ما يوضح أن هذه العملية شابتها اختلالات جسيمة، كما نددت بذلك منظمتنا غير الحكومية(الملحق رقم 2: www.amadalpresse.com/AMA/PJ/AMA_HCP_Recensement2014_Rapport_Fr.pdf).

استمرار ارتفاع معدل الوفيات لدى الامهات:

كشفت الاحصائيات أن معدل وفيات الأمهات في المناطق القروية أعلى مرتين مما هو عليه في المناطق الحضرية (148 مقابل  73 حالة وفاة في كل 100000 الف ولادة حية)، كما ان حالات الولادة تحت المراقبة لا تتجاوز 55٪ من النساء القرويات، فيما تبلغ معدلات الخصوبة بين الفتيات من 15-19 سنة في المناطق الريفية أكثر من مرتين مما عليه في المناطق الحضرية (46 مقابل 21 في 1000) وذلك وفق إحصائيات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المغرب.

ونتيجة لذلك، وجهت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأمم المتحدة، خلال دورتها عام 2006، توصيات للحكومة المغربية. تُرى ماذا عن الإجراءات التي اتخذت بشأن هذه التوصيات؟

وحثت اللجنة الدولة المغرب على “عدم المس باستقلالية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان من خلال تبعيتها لوزارة العدل “.

هذه المؤسسة الوطنية أصبحت تسمى اليوم بـ”المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، وهي ليست تابعة لوزارة العدل، إلا ان هذه المؤسسة تعرف اختراقا وتوجيها بشكل غريب من قبل بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى حزب سياسي، تم إنشاؤه من طرف مستشار الملك فؤاد عالي الهمة، وهو حزب الأصالة والمعاصرة (PAM).

ويواجه هذا الحزب اتهامات من قبل رئيس الحكومة المغربية، عبد الاله بنكيران وزعيم حزب الاستقلال حميد شباط وحسن أوريد الناطق الرسمي السابق باسم القصر، بخصوص علاقاته مشبوهة ووثيقة جدا مع تجار المخدرات.

لقد تم إدراج المجلس الوطني لحقوق الانسان في الدستور الأخير، إلى جانب مؤسسات أخرى(الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري “الهاكا”، والمجلس الاعلى للتعليم، ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، والهيئة المركزية للحماية من الرشوة…)، وتمت دسترة هذه المؤسسات باستثناء تلك المهتمة بالنهوض باللغة والثقافة الامازيغيتين، ونعني بها “المعهد الملكي للثقافة الامازيغية”، والذي تم حرمانه بشكل غير قانوني من مجلسه الاداري. إن النخبة الادارية والفكرية والعلمية، والتي تنتمي غالبا إلى الاوساط المقربة من اليسار واليسار الجذري، والتي تدير هذه المؤسسات الموازية، باستقطاب من مستشاري الملك، غالبيتها الساحقة مُشبعة بالأيديولوجية البعثية والعروبية- الاسلامية، وهي تشكل، إلى جانب النخبة المسؤولة داخل المندوبية السامية للتخطيط، حكومة الظل الحقيقية، ويتضح أنها تمتلك سلطات أكثر وأقوى من تلك التي للحكومة التي يُفترض أنها منتخبة من قبل الشعب! إن هذه النخبة، للاسف الشديد، هي التي تقف وراء جميع الممارسة والمبادرات والقرارات التمييزية الاطر الامازيغية وكل ما يرتبط بالامازيغة.

“تشجع اللجنة الدولة الطرف على تكثيف جهودها لاحترام وحماية حقوق المرأة، وتوصيها بحظر تعدد الزوجات “.

لا تزال مسطرة الطلاق الاحادي من طرف الزوج، وعدم المساواة في الارث والوصاية القانونية على الاطفال بالإضافة إلى زواج القاصرات( خوالي 35000 حالة سنة 2013)، منتشرة رغم التقدم النظري الحاصل في مدونة الأسرة.

“تشجع اللجنة الدولة الطرف على الملاءمة الكاملة لتشريعاتها الوطنية مع أحكام العهد الدولي، وذلك من خلال إلغاء كل المقتضيات التمييزية وضمان المساواة في المعاملة بين الرجل والمرأة في التمتع الفعلي بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية “.

ورغم ما تضمنته المادة 19 من الدستور، من ضمان لهذه “المساواة”، إلا أن في الواقع يكشف أن المرأة لا تزال تعاني من كل أشكال التمييز، والدليل على ذلك هو ما جري خلال الانتخابات الأخيرة يوم 4 سبتمبر الماضي، حيث ان النتائج أظهرت أن عدد النساء المنتخبات، من بين اثني عشر رؤساء المنتخبين على رأس الجهات و1503 منتخبا على رأس البلديات الحضرية والقروية، يفوق بالكاد عدد أصابع اليد الواحدة. إن مبدأ المساواة بين الجنسين بعيد كل البعد عن الواقع فيما يتعلق بمحاربة التمييز ضد المرأة.

“توصي اللجنة الدولة الطرف بوضع خطة عمل محددة لمحاربة البطالة وسط الشباب، تقوم بوجه خاص على التكوين المهني، والتعلّم، وكل التدابير التي من شأنها أن تسهل ولوج الشباب إلى عالم الشغل”.

يعاني المجازون العاطلون عن العمل، الذين يحتجون غالبا أمام البرلمان، من صنوف الضرب والتعنيف بشكل ممنهج، وذلك بدل تلبية حقوقهم  المتمثلة في الحصول على عمل.

“تجدد اللجنة توصيتها للدولة الطرف لتكثيف جهودها للحد من مستوى الفقر، بما في ذلك في المناطق القروية، وكذا تحسين استراتيجيتها في مجال التنمية الاجتماعية، التي يجب أن تدمج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ..”.

وعلى الرغم من مرور عشر سنوات على انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في المناطق القروية، والتي اطلقتها السلطات المغربية تحت إشراف وزارة الداخلية بدلا من وضعها تحت إشراف وزارات أخرى على علاقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أ، المغرب تراجع من المرتبة 123 عالميا، سنة 2006 ، إلى المركز 130 في السنوات الأخيرة وذلك وفقا لمؤشر التنمية البشرية (IDH)، كما كشف عن ذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD) في تقاريره.

توصي اللجنة بقوة بأن تأخذ الدولة الطرف في الاعتبار جميع الالتزامات المفروضة عليها بموجب العهد الدولي وذلك خلال المفاوضاتها والاتفاقات الثنائية، لتفادي المساس بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية “.

وبخصوص هذه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن انتهاكات الدولة المغربية لها، دون ان يترتب عن ذلك أي عقاب، تكون بالأخص داخل القبائل. ولا تزال مشكلة الطرد ومصادرة الأراضي من القبائل الأمازيغية (التي تسمى بالأراضي الجماعية أو أراضي الجماعات السلالية) متفشية إلى حد الآن. وتغطي هذه الأراضي مساحة 15 مليون هكتار وهي في ملكية القبائل الأمازيغية أو الأمازيغفونية أو العربفونية، حيث تعد مصدر ثروتهم وعيشهم لعقود من الزمن. وتقوم الدولة بمصادرة أراضي القبائل الأمازيغية تحت ذريعة المحافظة على الغابات أو المصلحة العامة (الاستثمار الداخلي أو الخارجي). ولا تحصل القبائل الأمازيغية، في معظم الحالات، على أي تعويض عن أراضيها المسلوبية، أو أي بدائل اقتصادية عن ذلك، خصوصا أن اقتصاد هذه القبائل يرتبط أساسا بالأرض والغابات ويستند على النشاط الرعوي والزراعة والأنشطة المرتبطة بذلك. وهو ما يتسبب باستمرار في حركات الهجرة الريفية نحو المدينة ويكون سببا في انتشار مدن الصفيح والأحياء الهامشية.

“توصي اللجنة بأن تضع الدولة الطرف برامج محو الأمية باللغة الأمازيغية. وبالإضافة إلى ذلك، تدعو إلى تعميم التعليم بالأمازيغية مجانا بجميع المستويات”.

على مدى تسع سنوات، من 2006 إلى 2015، لم تولي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، وكذا الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية (ANLCA)، أي اهتمام لتدريس الامازيغية سواء عبر دمجها في التعليم غير النظامي أو ضمن برامج محو أمية الكبار، التي تشرف على إعطائها في مختلف المساجد والمدارس والمراكز الثقافية والتعليمية، وذلك في تجاهل تام للغة والهوية الأمازيغيتين ولوضعهما الدستوري الجديد.

“وتدعو اللجنة الدولة الطرف إلى النظر في إمكانية تكريس الدستور للغة الأمازيغية كلغة رسمية. وتشجعها على اتخاذ الخطوات اللازمة لتمكين الآباء من إعطاء أسماء أمازيغية لأبنائهم. كما تحث الحكومة على اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الحق الكامل للامازيغ في ممارسة هويتها الثقافية الخاصة، وذلك وفقا للفقرة أ) من البند 15 من العهد الدولي، الذي يقر لكل فرد الحق في المشاركة في الحياة الثقافية “.

لقد خطت المملكة المغربية خطوة كبيرة في هذا المجال، وذلك في أعقاب الربيع الديمقراطي لشعوب تامزغا وحركة 20 فبراير، من خلال الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية واعتبار الامازيغية رصيدا مشتركا للمغاربة بدون استثناء، وهو ما تجسد في المادة 5 من الدستور التي تنص على ” “تظل العربية، اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها. تعد الأمازيغية أيضا، لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مُـشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء. يحدِّد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكّن من القيام مُستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية.”

كان يجب أن تشكل هذه الصيغة الدستورية ثورة ثقافية في البلاد، وذلك عبر المصالحة مع التاريخ القديم للبلد، ومن خلال إعادة النظر في التاريخ الرسمي، والهوية الوطنية، واستعادة أسماء الأماكن الأصلية، وتثمين الثقافة اللامادية والمادية للحضارات الامازيغية ما قبل إسلامية والإسلامية. إلا أن السلطات المغربية والأحزاب السياسية لازالت تتصرف كما لو أن هذا الدستور وهذا الفصل منه تحديدا لا تعنيها في شيء.

وهكذا، وبعد أربع سنوات على إضفاء الطابع الرسمي على الأمازيغية في الدستور المغربي، الذي تم تعديله عقب احتجاجات الشباب المغربي سنة 2011 ضمن حركة 20 فبراير التي انخرطت فيها الحركة الأمازيغية بشكل كبير، لازال واقع الأمازيغية في المغرب لم يعرف أي تغييرات جديرة بالذكر. وعلاوة على ذلك، فإن جميع الأوراش المتعلقة بالامازيغية تم تعليقها، بما فيها تلك التي بدأت قبل عام من إضفاء الطابع الرسمي عليها.

يستمر التمييز ضد الأمازيغية بشكل غير معهود، وذلك من خلال حظر التحدث باللغة الأمازيغية داخل البرلمان منذ عام 2012. بالإضافة إلى التراجع الحاصل على مستوى تدريس الأمازيغية وانعدام أي تحسن لوضع الأمازيغية في وسائل الإعلام والاستبعاد الكلي لسيرورة ادماجها في قطاعات العمومية للدولة المغربية.

وتجدر الإشارة إلى ما يلي:

  • لامبالاة وزارة التربية والتعليم والتعثر في تلمس طريقها في مجال تدريس الأمازيغية، بالإضافة إلى الخطة الاستراتيجية التي وضعتها الوزارة، إلى غاية عام 2030، والتي تستند على اللغة العربية دون ذكر للأمازيغية، وذلك على الرغم من أن إدماج هذه الأخيرة في التعليم بدأ منذ عام 2003. وبدلا من تعميم تدريسها على الأقل في المرحلة الابتدائية، فإن عدد الأطفال الذين يدرسون اللغة الأمازيغية يتجاوز بالكاد نصف مليون طفل ضمن 4141000 تلميذا يدرسون في الابتدائي و 815000 في الثانوي.
  • تجاهل السنة الأمازيغية الجديدة وعدم تكريس يوم الاحتفال بها كعيد وطني وعطلة رسمية مدفوعة الأجر؛
  • التجاهل التام للطابع الرسمي للغة الأمازيغية وذلك من خلال عدم إخراج القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل ترسيمها.
  • تجاهل وزارة الداخلية لتنفيذ الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وحرفها “تيفيناغ” داخل المؤسسات التي تديرها بشكل مباشر أو تلك التي تخضع لوصايتها، ولو من خلال كتابة أسماء الشوارع، والطرق وإشارات المرور واللوحات الخاصة بالمؤسسات الأمنية التي تشرف عليها- سيارات ومقرات- باللغة الأمازيغية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى