مظاهر تداعيات الأمم المتحدة وانعكاسها على الأمن والسلم الدولي

.مظاهر تدهور الأمم المتحدة مروعة ،و تتفاقم بمرور الوقت حيث تتمظهر فيها الشيخوخة دون اصطناع رغم المحاولات المتكررة لانعاشها ،و اخراجها من حالة الوهن.

 

و في ظل تصاعد الصراعات المؤثرة على الأمن ،و السلم في انحاء متفرقة من العالم تكتفي المنظمة الدولية المتهالكة بإصدار بيانات روتينية تعبر فيها عن قلقها إزاء ما يجري من كوارث ،و مأسي نتيجة للاقتتال ،و العنف الممنهج وفق أجندات تخدم مصالح الدول الكبرى.

حيث يغلب عليها طابع التحدث بلا عمل إلا في حالات ناذرة ،و صارت أكثر قراراتها عارية تماما من أي غطاء قانوني ،و أخلاقي ،و متعارضة مع ميثاقها خاضعة للقوة المادية المهيمنة على العالم.

و لقد شكل الخطاب الاربعيني للقائد معمر القذافي فرصة لا تعوض لمعالجة العلل التى يعاني منها أداء الأمم المتحدة نتيجة سياسة الاستحواذ ،و التى جعلتها هيكل بلا فعل.

 

فسياسات هذه المنظمة الدولية مبنية على تجاهل الحقيقة ،و تعالي عن الأسباب الجوهرية التى نتجت عنها الصراعات على المستوى الأقليمي ،و الدولي.

فلاعجب ،و لا عجاب من سلوك مبعوثي الأمم المتحدة الذين يتعاملون مع الأزمات الخانقة شديدة التعقيد المكلفين بحلها بطريقة الموظف العمومي الذي لا تعنيه النتائج الحقيقية للعمل لأنه سيتقاضى أجره في نهاية المطاف سواء توصل إلى حل ؛أو تسوية أو لم يصل فكل ما يشغل باله رفع تقرير عن الحالة المأزومة بغض النظر عن المحتوى ،و المسببات ،و المعالجات التى تتناسب، و كل قضية بل ،و تصر الأمم المتحدة في حلولها المقترحة على وئد خصوصية المجتمعات حيث تلجأ لفرض حلول مصطنعة لا تؤدي إلى نتائج ملموسة بل تفاقم الأوضاع كما هو الحال في ليبيا حيث نتج عن الحل الأممي المسمى باتفاق الصخيرات مزيدا من التعقيدات ،و المشاكل التى لا حصر لها ،حيث اكتف بجمع الأطراف المتنازعة من ذات الفصيل الفبرايري دون اشراك التيار الجماهيري الذي يمثل قطاعات واسعة من الشعب الليبي ناهيك عن الأصرار الواضح للأمم المتحدة لتطبيق تدابير العدالة الانتقالية عبر خارطتها التى لا تتناسب معاييرها مع الوضع الليبي الراهن ،و التي تفرض الاقصاء ،و التهميش ،و الملاحقة القانونية غير العادلة إلى مالانهاية لا لشيء إلا لأنهم تصدوا لعدوان الناتو الذي ترتب عليه تأثيرات كارثية على مختلف الميادين السياسية ،و الاقتصادية ،و الاجتماعية.

 

حيث أن العدالة الانتقالية نقيض للعدالة التصالحية ،فالأخيرة ترتكز على العدل ،و التسامح، و لقد عرفها المجلس الاقتصادي ،و الاجتماعي لهيئة الأمم على النحو الأتي (تتشكل من أي مسار يشارك فيه كل من الضحية، والجاني ،أو أي شخص أو مجموعة تتضرر من الجريمة للإسهام بفاعلية بهدف إيجاد الحلول لكل المسائل ذات العلاقة بالإجرام ،وبمساعدة ميسرة، فالعدالة التصالحية من خلال المفهوم الاممي هي منهج؛ أوسلوك يسعى للتصدي للسلوك الاجرامي عبر برامج ،ومسارات تصالحية)

 

و يأتي ذلك عبر مشاركة جميع الأطراف المعنية الضحايا ،و الجناة،و المجتمع من أجل عملية تطهير المجتمع من الاحقاد ،و الضغائن فيها يسأل الضحية الجاني ما السبب الذي دفعك لارتكاب هذه الجريمة في حقي، و يعلل الجاني للضحية فمن حق الأخير أن يقبل التبرير أو يرفضه ليمر إلى المحاكمة القانونية من خلال هذا التصور يسقط الحق العام و يبقى الحق الخاص فقط فمن أولويات هذه العدالة جبر الضرر بشكل فوري إينما وقع.

 

و للأسف الأمم المتحدة تغض النظر عن العدالة التصالحية لأنها لا تخدم أطراف الصراع الخارجي الذي لا يريد للشعب الليبي الخير ،و الأمن، و الأمان بل يريد أن يعمق فيه الضعف ،و الوهن لتكريس التبعية ،و القضاء على نقطة التلاقي المجتمعي، و هي الوطن.

 

و نعود إلى القضية الليبية ،و الخارطة الأممية التى لا تريد الخروج على ما تم التوصل إليه في إتفاق الصخيرات الهزيل الذي تضمن 62 نقطة تعزز الخلافات ،و تضاعفها ،و تقصي التيار الجماهيري الذي يمثل قطاعات واسعة من المجتمع الليبي ،و الذي يراد لهم لقاء ثانوي في المرحلة الثانية من جلسة واحدة لإضفاء الشرعية على ما سيتم التوصل إليه في لقاء تونس الحالي …

 

فتطابق وجهة النظر البريطانية مع المجموعة الممثلة لما يسمى بالمؤتمر الوطني العام لم تأتي من فراغ بل يعبر عن سياسة بريطانيا الداعمة للقوى الظلامية المرفوضة اجتماعيا في ليبيا لأنها تمارس الإرهاب لفرض رأيها على المجتمع.

إنني أرى ضرورة التعقل من قبل الجماهيريين ،و عدم التسرع في عملية الدخول للمسار التفاوضي حفاظا على تاريخنا النضالي الوطني ،و ليس رفضا لمبدأ الحوار الذي نؤمن بأنها أحد السبل التى يمكن من خلالها توطيد الأمن ،و الأستقرار.

إنني أدعوا القوى الوطنية لتشكيل كتلة تاريخية عريضة بقيادة الدكتور سيف الإسلام القذافي استعدادا للمرحلة القادمة ،و التى تحتاج إلى تعاظم جهود الخيرين من أبناء الوطن لرأب الصدع ،و العمل بمقتضى معالجات جذرية تصنع السلام ،و الوئام الاجتماعي في ليبيا.

 

هذه الدعوة نابعة من حاجة المجتمع الملحة إلى قيادة رمزية واضحة قادرة على وضع الخطط ،و تنظيم الجهود ،و توعية ،و تعبئة الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في استقرار الوطن ،و أرساء دعائم السيادة الوطنية ،و سيادة القانون مجتمع يبنى على العدل ،و التأخي لا على رؤى الغرب الذي يسعى إلى تعميق جراحنا عبر فرض سياسة المغالبة ،و الانحياز للمجموعات المرتهنة له بالعمالة ،فإن استمرار هذا المسار المحموم بالتعالي عن الحقيقة يحتم علينا تغيير استراتجياتنا العامة لتعاطي مع مايجري بكل الوسائل المتاحة لتحرير الإرادة الوطنية الليبية من قبضة السراق ،و الحذاق ،و الخونة ،و العملاء ،و الإرهابين الذين يعملون من أجل أرضاء أسيادهم ،و أشباع نزواتهم التوسعية المجنونة على حساب المواطن الليبي الكادح البسيط الذي يعجز في الكثير من الأحيان على توفير لقمة العيش لأبنائه.

و الله المستعان

#أحمد_الصويعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى