ملف: مثير يكشف خفايا تجارة السلاح في ليبيا

الطريق إلى تجارة السلاح في ليبيا أسهل من ذهاب المرء إلى حوش منزله. أما المكاسب التي يحققها فلا تُقارن بأي نشاط آخر، كونها تأتي لصاحبها دون أن يتحرك من مكانه.هكذا خلص تقرير مثير نشرته شبكة «CNN» الإخبارية الأميركية اليوم الأربعاء حول تجارة السلاح في ليبيا، خصوصًا على شبكة الإنترنت، حيث يمكن لأي شخص أن يبيع ويشتري بمجرد الانضمام لمجموعة أو صفحة متخصصة.يبدأ التحقيق بالتنويه إلى أنك «إذا كنت في ليبيا، فإنه يمكنك الحصول على أي نوع من الأسلحة أو تصبح تاجرًا فيها، يكفي أن يكون لديك جهاز كمبيوتر أو هاتف جوال مرتبط بالإنترنت لتجد نفسك عضوًا في إحدى الصفحات الإلكترونية المتخصصة في بيع الأسلحة، عندها تصبح قادرًا على التفاوض وإبرام صفقات البيع والشراء».وتستطرد «CNN» قائلة: «يتم هذا الأمر عن طريق نشر إعلانات لبيع وشراء الأسلحة على صفحات ومجموعات خاصة بذلك أنشئت على شبكة فيسبوك تمامًا مثلما تفعل عند أي عملية تسوق على شبكة الإنترنت، فبمجرد التقدم بطلب عضوية للدخول في هذه المجموعات تتم إضافتك بسرعة لتجد نفسك في سوق إلكترونية تعرض كل أنواع الأسلحة الحديثة منها والمستعملة وما تبعها من عتاد ومستلزمات».
تجارة السلاح تصل قيمتها لـ85 مليار دولار سنوياً
وتضيف: «تجارة الأسلحة على مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا منتشرة جدًّا، حيث يوجد العديد من المجموعات والصفحات الخاصة بذلك يدخل إليها يوميًّا عشرات الأشخاص بقصد الاطلاع على ما تقدمه من عروض في البيع وفرص أو الإعلان عن عروض للشراء».ومن خلال متابعة «CNN» إحدى الصفحات المختصة في تجارة الأسلحة على «فيسبوك»، تبين أن المشرف عليها شخص ينتمي إلى إحدى المجموعات العسكرية بمدينة سبها، كما تبين أنها تستقطب الكثير من الناس، إذ يزداد عدد الأعضاء المشاركين فيها يومًا بعد يوم ويعتمد أغلبهم على أسماء مستعارة، وتشمل الأسلحة المعروضة فيها جميع الأنواع من أسلحة خفيفة ومسدسات وبنادق، إضافة إلى الرشاشات الثقيلة والذخيرة الحية، فضلاً عن المعدات العسكرية اللوجستية الأخرى.البيع والشراء
وتتم عملية البيع والشراء بعد إطلاع الزبائن على الأسلحة المعروضة والمرفقة عادة بصورها ثم يقع التواصل بينهم وبين الباعة إما مباشرة في التعليقات المصاحبة للصور أو عبر تبادل الرسائل الخاصة في ما بينهم، وأحيانًا يتطلب الأمر تبادل أرقام الهواتف وذلك من أجل التفاوض حول الأسعار والكميات المرغوب بها وطرق وأماكن التسليم.وتشير «CNN» إلى أن آخر الإعلانات التي نُشرت تمثلت في عرض بيع لمسدسين من صنع بلجيكي في مدينة بنغازي بسعر 4500 دينار ليبي ( نحو 1000 دولار)، ويقول صاحب الإعلان إن خدمة توصيل السلعة خارج بنغازي غير ممكنة، كما عرض شخص آخر إعلانًا لشراء مسدس تركي ومعه ذخيرته فانهالت عليه العروض.ويقول محمد أبو عجيلة، وهو رجل أمن في المؤسسة التابعة للحكومة المؤقتة، إن التسويق والتسوق الإلكتروني في الأسلحة أصبح من أهم وأسرع الطرق الناجحة في ليبيا، موضحًا أن هذه التجارة منتشرة سواء افتراضيًّا أو حتى على أرض الواقع والإقبال عليها موجود من المواطنين العاديين وكذلك من المجموعات المسلحة والميليشيات من أصحاب الأموال التي باتت تعتمد على مواقع الإنترنيت لتسليح نفسها وذلك عن طريق وسطاء مدفوعي الأجر.مصدر الأسلحة


وبخصوص مصدر هذه الأسلحة أكد أبو عجيلة لـ «CNN»، أنها تعود إلى الأسلحة التي تمت سرقتها من مخازن الدولة عند سقوط نظام معمر القذافي، مضيفًا أن السلاح مازال منتشرًا بشكل كبير في البلاد وفي أيدي كل الناس لدرجة أن هناك من المواطنين مَن يمتلك دبابة.وكشف كذلك أن السلاح الذي يتم بيعه ينتقل من مكان إلى آخر ويتم تهريبه حتى إلى دول الجوار مثل تشاد والنيجر ليقع التفويت فيه بالدولار وبأرقام كبيرة، مشيرًا إلى أن هذه التجارة تحقق أرباحًا طائلة لممتهنيها.من جهته، قال يونس السويحلي الذي كان يبحث في إحدى الصفحات الخاصة بتجارة الأسلحة عن بعض الذخيرة لسلاحه، إن الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد وانتشار المجموعات المسلحة والميليشيات ووجود الإرهاب إضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة هي التي دفعته للتسلح وذلك من أجل الدفاع عن نفسه وعن عائلته إذا تطلب الأمر.


وقال: «الدولة اليوم عاجزة عن حماية مواطنيها ولذلك فمن الطبيعي أن يفكر الناس بتسليح أنفسهم لحماية حياتهم وحياة أحبائهم والدفاع عن أملاكهم، في بلادنا اليوم كل شخص مسؤول على أمن نفسه».وأضاف: «في ليبيا لا يوجد قانون يجرِّم حمل السلاح والذخيرة وينظم عملية امتلاك الأسلحة» حسب المحامي والناشط الليبي طاهر النغنوغي، الذي أوضح أنه تم إصدار قانون لا يسمح بامتلاك السلاح إلا إذا كان مرخصًا من قبل السلطات المختصة، إلا أنه وبسبب عجز الدولة على تطبيقه لم يلتزم الناس بذلك وواصلوا التسلح.وختم حديثه قائلاً: «في ليبيا اليوم توجد كل الممنوعات كالأسلحة والمخدرات بجميع أنواعها ولا حسيب ولا رقيب عليها»، موضحًا أن الكل يتاجر حسب الكمية التي يمتلكها وكل ذلك يأتي في إطار الانفلات الأمني وعدم وجود رادع قانوني وقانون ينظم آلية امتلاك السلاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى