منا.. قيامة شتات أهل الصحراء

ليبيا.. غواية التويوتا والكلاشينكوف

صراحة بسبب هجرتي لليبيا، أن الأمر هنالك مختلف بالمرة، يضيف بادي… القذافي تبنانا شهرة معلنة غير مستورة، وعدنا بإقامة دولتنا الموعودة بالأزواد، أدخلنا الجيش، فتح لنا معسكرات التدريب، أي والله.. بعد أن منحنا بطاقة (بناء) بواسطة الأشقّّاء الموريتانيين المرابطين بليبيا.

كما منح قائد ثورة الفاتح لبعضنا، بطاقة (عائد) سراب سيل لعاب الوطن الموعود، كما وصف نكات فاماميستي إدناني، بمعسكر بني وليد، وسأل بعده فاماميستي إفوغاسي بنفس الجلسة، هل تمنحنا الجزائر ظلال الوطن وأحلامه؟ فرد عليه إدناني بالجزم، غير ممكن مطلقا، فيما تلقف الكلمة، عربي تيلمساوي آخر، ختم تلك الجلسة، متذمرا من تشدد الجزائر على حدودها، كونه يخطط مستقبلا مع بعض رفاقه من توارقنا، أن يطمعوا بالتهريب.

يغلب علينا— نحن كل تماشق أدغاغ وتيلمسي ومنكا وآير– النزوع نحو فكرة الوطن المستقل المنفصل عن مالي والنيجر، وبالتالي لا يستبعد، أن هرولتنا لنداء معمر القذافي، وقبولنا التجنيد أو قل، صفقة الغرر وهذا هو المؤكد، ودخولنا معسكر بني وليد أول مرة، وبعده معسكر 2مارس ضواحي العاصمة طرابلس، كتن بداعي هذه الأغنية المطربة حقا.

أما غالبية جيراننا من عرب أزواد، وليسوا كلهم طبعا، مصابون بفتنة الدنيا، والتنافس في شطارتها، ومن كان يعتقد هذا المذهب، لا بد له والله اعلم، من سلوك طريق سريع مختزل للفضة، كما يقول العرب لوسم الدراهم بحسانيتهم اللطيفة، ولاسبيل آخر، غير ترباندوا التهريب أو الفرود؟ كما يطلق عليه بعضنا.

لا أنكر أن الزعامة الأزوادية بليبيا، المنسقة لفكرة وطن الأزواد، مع سغيد القشاط الليبي، كان فيها لفيف معتبر من إخواننا عرب أزواد، كقبيلة كنتة، وعرب النيجر، خذ مثالا أقوى، ألم يقتل الشهيد سيدي حيبلله الكنتي من طرف حكومة مالي خلال تداعيات ثورتنا المجيدة بالأزواد؟ وهذا ليس قليلا.. إنما أتحدث عن السواد الغالب حتى لا أقول أو ألقي باللائمة من الجيران الحسان، بإغماط جهدهم في ثورتنا المجيدة، يقول بادي دائما.

بلا مواربة في الكلام، من رغب بالعيش ورضي القسمة والعافية، آثر البقاء بالجزائر طبعا، أما من يتطلع لغد جديد بكيدال، وغاو، وتمبكتو، وتاودني، ومنكا، وأغادز، ويمنى النفس بالوطن، فدوخته مهلوسات القذافي المركزة، حتى دخل تلك المعسكرات جزلا يشطح بلا وعي.

يقول سوخا رفيق بادي إلى ليبيا، القذافي له شيكولاطة شهدة المذاق، عرف نقطة ضغفنا، واشتهاء لذة بنتها على ألسنتنا، فرماها لنا.. الأكيد أن خلطة هذه الطبخة اللذيذة، انتقى عطورها وتبل فوحة قدرها، سعيد القشاط كليم القذافي، مع مجموعة أزوادية من بني جلدتنا، آمنت بقضية التحضير لوطننا المعسول.

شاع في تلك الفترة بن فاماميست دول الساحل بليبيا، أن التشكيلة الأزوادية الميمونة المشرفة على معسكري بني وليد، و 2مارس، كانت تتشكل من خمس فصائل، رعيت فيها محاصصة أثنية الأزواد وجغرافيته.

الفصيل الأول، بتعلق بتوارق النيجر، الثاني، عرب النيجر، الثالث، توارق مالي، الرابع، عرب مالي، الخامس وهو الحاسم، موريتانيون أمهاتهم أزواديات تارقيات، فالغالب على الفصائل الأربعة الأولى، نشأة البادية ونقص التعليم النظامي بتلك النواحي، لذالك وجد الفصيل الخامس فرصة لإدارة أزمة الوطن الموعود، بحكم إقتراب هذا الفصيل الأخير منهم، مما سهل على هذا الفصيل الموريتاني، إحداث التوازن الإثني بين التوارق والعرب هذا من جهة، ومن جهة ثانية معايشة هذا الفصيل الأخير لأسباب الحضارة بنواكشوط، فضلا عن ذكاء هذه الطائفة، مع ما أتيح لها من سبل التحصيل العلمي والتشوف الثقافي، الذي يطبع أهل هذا القطر الموريتاني عموما، هذه هي خصائص الزعامة، التي منح على أثرها، قيادة الملف الأزوادي بليبيا القذافي.

يتوجب على من تصدر لفصيل القيادة الأزوادية، أن يتحدث العربية الفصيحة، الفرنسيّّة، الحسانية، التماشقتية، وبعض اللهجات الأفريقية، كالهوسا، والزرما، والبامبارة، وغيرها. هكذا تمكن بعض القادة الأزواديين وبلا عناء، أن يدخلوا مطابخ ومراميط القذافي، كطهاة مهرة في صناعة الوجبات الشهية.

تتكون تشكيلة فريقنا الأزوادي التارقي العربي المنضوية تحت لواء من سنحت لهم الأيام بحيازة ذالك التلون الإثني والثقافي للأزواد، كما عند الفرقة الناجية الخامسة، يقول بادي.. التي طبعت أطيافها، ألوان توارق إفوغاس وإدنان، وإمغاد، وقادة من بعض القبائل العربية المالية ككنتة وبعض الأتواج وغيرهم، وتمثيل عن توارق آير النيجر، وعربها أيضا.

صفحات: 123 و124 و125 و 126، من رواية #منا قيامة شتات أهل الصحراء.

قراءة ممتعة للجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى