
من حقنا الوقوف مع إخوتنا في الموجة الثانية من ثورة التحرير الشعبية السلمية بالجزائر
أبو إكرام المغربي
وقف الأجداد والآباء المغاربة مع إخوانهم الجزائريين في حرب التحرير ، وكانت النتيجة استقلال الجارة الشرقية عن فرنسا، ثم انقلاب قيادة جناح جيش الحدود على الاتفاقات والتفاهمات مع المغرب، كما انقلبوا على جل مكونات الثورة.
انتظر الشعب الجزائري 57 عاما ليحاول الإطاحة بنظام جيش الحدود الذي أسس له محمد بوخروبة المشهور بلقب هواري بومدين.
بعد انطلاق حراك 22 فبراير 2019 لمنع عبدالعزيز بوتفليقة من الترشح لولاية رئاسية خامسة، التزم المغرب الرسمي موقف الحياد من هذا الأمر الذي اعتبره شأنا جزائريا صرفا لا يجوز الخوض فيه. وكعربون على صرامة المغرب الرسمي ونأيه بالنفس، فقد أُجبِر رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب حينذاك، صلاح الدين مزوار، على الاستقالة من منصبه. لا لشيء سوى لأنه عبر من منطلق شخصي عن تأييده لمطالب شعب جار لنا.
كانت رسالة السلطات واضحة لا ليس فيها، مفادها أن المغرب، البلد الذي يتحمل مسؤولياته في عدم التطاول على الشؤون الداخلية للدول الأخرى، سيقف على مسافة واحدة من كل الفرقاء الجزائريين، رغم التضامن الشعبي الواضح داخل المملكة مع أشقائهم. لكن كيف رد الحكام الحقيقيون للجارة الشرقية على هذا الموقف؟.
بمجرد ما استتب الأمر مجددا للقيادات العسكرية، والتفافها على مطالب الحراك، عادت حليمة الى مناوراتها القديمة. وأصبحنا نرى قايد صالح ومن بعده السعيد شنقريحة يصران باستمرار على ان ترافقهما كاميرات القنوات الرسمية والقنوات الرديفة (الشروق والنهار والحياة وBeurtv وغيرها) في تحركاتهما داخل ثكنات النواحي العسكرية الخمس، وأثناء كل المناورات القريبة من حدود المملكة. مع التأكيد الدائم على “الجاهزية التامة” ضد المغرب، “العدو الكلاسيكي” الذي اختلقه المرحوم أحمد بن بلة، ومعه ومن بعده هواري بومدين.
بعد عملية الگرگرات أطلق نظام العسكر عقال لسانه المتمثل في القنوات الرسمية والرديفة والجيوش الجرارة من الذباب الالكتروني، فلم يستثنوا أحدا من المغاربة ولم يتركوا أسلوبا في الكذب والتلفيق والصفاقة إلا واستعملوا أبشع ما فيه.
يحدث هذا بينما تحاول القوى الحية في الجزائر إعادة ترميم صفوفها لاستئناف الحراك ووقف الثورة المضادة التي يمسك بتلابيبها شنقريحة والجنرالان المتقاعدان العائدان من السجن والمنفى، توفيق وخالد نزار.
نتساءل الآن: هل يحق للمغرب الرسمي أن يقف موقف الحياد كما فعل في الموجة الأولى من الحراك؟.
قد تكون للسلطات المغربية إكراهات وحسابات داخلية وإقليمية تفرض عليها أن تتعامل بمنطق الدول المسؤولة، والأنظمة الرزينة. لكن هل يجوز لها أن تكمم الأفواه وتلزم أطياف المجتمع المغربي ومختلف قواه بأن ينأوا بأنفسهم عن هذا الحراك؟.
أظن أنه لا يجوز لها ذلك. من حق الهيئات المهنية والنقابات والجمعيات المدنية والأحزاب المغربية من منطلق الاستقلالية المفروضة فيها، أن تعبر كما تشاء إزاء الحراك الشعبي في الجزائر بالبيانات والعرائض والدعاية الصريحة له مع حلفائها الإديولوجيين في الخارج. وإن أرادت السلطات الرسمية أن تنضم إليهم فمرحبا بها، وإن بقيت على الحياد فذاك حقها. لكن من حق مختلف تعبيرات مكونات المجتمع أن تصدح بما تؤمن به.
بعد انتصار الصوت المطالب بتحرير الجزائر من طغمة عساكر جيش الحدود، سنجد بالتأكيد من مسؤولي الجارة الأحرار من يعترف للمغاربة بمساندتهم لهم في موجة التحرير الشعبية السلمية الثانية، وسيتذكرون لإخوانهم في المملكة هذا الجميل الذي ما هو إلا صيغة معاصرة لوقوف المملكة بجانبهم أثناء حرب التحري ضد فرنسا. وربما سيرسون مع المغاربة قواعد مغرب كبير ، تتحطم فيه سطوة الإيمان الوثني بالحدود، الذي رسخه واستمات في الدفاع عنه انقلابيو جيش الحدود.