
من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر
الاستاذة زينبا بن حمو
انتشر مع بداية السنة الجديدة، فيديو لشريط جنسي يجمع شخصين، ذكر وأنثى، لكن في مجتمعات الجنوب وجود الذكر في هكذا أحداث لا يعدو أن يكون تاثيتا، لذا لا أحد يجرمه، بالمقابل اقيمت حفلة تشهير وقذف وسبب في حق الفتاة، وتمت مشاركة الفيديو لآلاف، إن لم يكن لملايين المرات، في ظرف أيام… وخرج من القوم أنبياء ورسل ورجال صالحون، بل ملائكة مطهرون طالبوا بدم الفتاة، وطالبوا بإنزال أقسى العقوبات، بها وحدها لأن الذكر مجرد زينة وديكور للتأثيت كما أسلفنا.
تم القبض على الفتاة، نزولا عند رغبة المطهرين من جمهور الملائكة، وأخيرا في يوم 14 من هذا الشهر تم الحكم عليها إبتدائيا بالسجن شهرا نافذا وغرامة 500 درهم.
ولسنا نملك تفاصيل القضية، لكن هناك سؤال يطرح نفسه، وهو على أي أساس تم القبض عليها، وعلى ماذا استند الحكم، وهي ضحية تسريب لواقعة حصلت في فضاء، خاص جدا، قبل خمس سنوات. بدل القبض على من قام بالتسريب، لأنه حسب القانون هو المتهم، وهي ضحية.
والأكيد أن هذا التوقيف والحكم يشكلان ردة كبيرة في مجال حماية الأشخاص من انتهاك حريتهم في الفضاء الخاص. مادام القانون يشير إلى تجريم من ارتكب فعل التصوير والنشر قصد التشهير.
فقد نص المشرع المغربي، في الفصل 1-447 من القانون الجنائي على أنه يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم، كل من قام عمدا وبأي وسيلة، بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص، دون موافقته”.
وقد أصدر رئيس النيابة العامة مع بداية 2019، منشورا يوضح الإطار القانوني الناظم لمنع تصوير الأفراد حماية للحياة الخاصة، المتمثل بالأساس في قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء من جهة، وبعض المقتضيات المتفرقة بين قانون الصحافة، وقانون 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي من جهة أخرى. وتصل العقوبات المقررة لانتهاك الحياة الخاصة للأفراد إلى ثلاث سنوات حبسا، بغض النظر عن جنس الفاعلين أو الضحايا، وكيفما كانت الوسائل المستعملة في الاعتداء كالهاتف أو آلات التسجيل السمعي البصري أو الأنظمة المعلوماتية أو أي أداة أخرى.
لا يمكن إعتبار القبض على الضحية، في هذه الحالة، ومحاكمتها بدل الجاني. إلا أمرا مخجلا وباعثا على الأسف، إذ يبدو أن القانون قد فشل في أول اختبار له على محك الواقع. كما أنه أمر محبط بعد كل الجهد المبذول لرفع الحيف والظلم عن المرأة، وخيبة أمل كبيرة لمناصري قضايا المرأة الذين استبشروا خيرا بالقانون 103-13, كبداية تحتاج إلى المزيد من التجويد لأجل حماية المرأة مما تتعرض له من عنف نفسي، ومادي، ومعنوي.
والأكيد أن أكثر الشعوب إدعاءً للطهرانية، هم أكثرهم فسقا وفجورا، وأكثرها نفاقا، وأكثرها تحاملا على كل من كتب له أن يفتضح أمره. ومعلوم أن الشخص المذنب دائما ما يحاول أن يدفع عنه التهمة من خلال التجهم على مرتكب ذات الجرم في محاولة لستر ذنبه، فكل الذين تحاملوا عليها وساهموا في نشر الفيديو، قاموا بنفس الفعل، الفرق بينهم وبينها أنها هي قام مجرم بالتشهير بها، ونجا رغم أنف النصوص القانونية، وهم ستر الله فضائحهم إلى حين.