
يوليوز 1999 – يوليوز2021 : مسيرة من التنمية تضع المواطن في مقدمة الاولويات
تحل في الثلاثين من يوليوز من كل سنة ،ذكرى لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، و بالمناسبة يستحضر الشعب المغربي يستحضر ،أسمى مظاهر الفخر والاعتزاز، قوة ومتانة الالتحام المكين الذي ما فتىء يجمعه بالعرش العلوي المجيد، على امتداد جميع مراحل بناء صرح مملكة الرخاء والازدهار وأهم المنعطفات الحاسمة والمواقف الصعبة من تاريخ الأمة.
وتأتي هذه الذكرى المجيدة يوم 30 يوليوز من كل سنة، لتسلط الضوء على أواصر المحبة القوية، وتعلق الشعب المغربي الراسخ بجلالة الملك محمد السادس، رمز الأمة وموحدها، وباعث نهضة المغرب الحديث، الذي تمكن بفضل حنكة وتبصر وسداد رؤية جلالته وتجند أبناء هذا الوطن الأبي، من شق طريق التقدم والازدهار بكل عزم وتباث.
والشعب المغربي إذ يخلد هذه الذكرى الحافلة بالدلالات والحمولات التاريخية الوازنة، يجدد تأكيده على متانة رابطة البيعة الشرعية، من خلال استحضار بعدها الديني القائم على التعاليم السديدة للدين الإسلامي الحنيف، وتشبته الراسخ بتخليد هذا العيد الوطني المجيد جريا على العادات والتقاليد العريقة للمملكة المغربية.
وفي غمرة الاحتفال بهذه الذكرى الوطنية العظيمة التي تؤرخ لاعتلاء أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، عرش أسلافه الميامين يوم 30 يوليوز من سنة 1999، يسترجع المغاربة أهم النضالات والملاحم الجهادية الخالدة التي خاضها كل من جده جلالة المغفور له الملك محمد الخامس وجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما، جنبا إلى جنب مع أبناء الشعب المغربي، تمهيدا لقيام صرح مغرب الحرية والانفتاح والتقدم بجميع أوجهه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
فلقد حاول الاستعمار الذي جثم بثقله على المغرب لأزيد من أربعة عقود، تسخير كافة الوسائل وتوظيف جميع الأساليب المتاحة للمساس بالوحدة الوطنية والنيل من الرباط المتين الذي يجمع المغربة قمة وقاعدة، مستهدفا من خلال ذلك، طمس معالم آصرة قوية جسدتها رابطة البيعة وتشبث الشعب المغربي القوي بالعرش العلوي المجيد.
وضدا على هذه المساعي الاستعمارية، ما كان من الشعب المغربي إلا أن يبرهن للعالم بأسره عن تعلقه الدائم وحبه العارم لوطنه وملكه، مبديا استعداده القوي واللامشروط لخوض أشد المعارك وتخطي أعتى الصعاب، ذوذا عن مقدساته وصونا لكرامته النابعة من إبائه وأصالته، وهو ما أشار إليه المغفور له الحسن الثاني في خطابه بمناسبة الذكرى الـ19 لثورة الملك والشعب سنة 1963، واصفا هذه العلاقة المتينة بالرابطة التي “نسج التاريخ خيوطها بعواطف المحبة المشتركة، والأهداف الموحدة التي قامت دائما على تقوى من الله ورضوانه”.
فلقد جسدت البيعة الشرعية، على امتداد تاريخ المملكة المغربية، الرابطة المتينة والصلة الراسخة التي ما فتئت تجمع الملك بوصفه أميرا للمؤمنين وحامي حمى الملة والدين، بشعبه الذي يعتبره بمثابة قائد الأمة ورمز الوحدة والسيادة الوطنية بجميع تجلياتها.
وتشمل هذه الآصرة دلالات ومعاني شتى، تحيل في المقام الأول على كونها ضمانا لاستقرار وأمن المملكة، من خلال تجسيد الوحدة الوطنية وسلطة القانون واستتباب السلم، بما يتيح جعل البلاد واحة آمنة وسط صحراء محفوفة بمختلف مظاهر النزاع والاضطراب وعدم الاستقرار.
كما أن هذا الميثاق القائم على ركائز دينية متينة تستمد ثوابتها من شرائع الدين الإسلامي الحنيف، يجسد الاستمرارية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ أن تواصل الحكم الرشيد والثبات على النهج القويم، يعد مفتاح الاستقرار والرقي والازدهار.
من جهة أخرى، يعبر ولاء الشعب المغربي لملكه، عن إجماع واضح حول تشبث المغاربة بالوحدة الترابية للمملكة ورغبتهم في صون حرمتها والذوذ عن حماها، اعتبارا لكون الملك رمزا للوحدة والتكامل والتماسك الترابي بين مختلف مناطق البلاد.
ولعل حرص شيوخ القبائل وممثلي مختلف مناطق المملكة، على تجديد بيعتهم لجلالة الملك مع حلول ذكرى عيد العرش المجيد من كل سنة، يعد دليلا واضحا على تشبثهم بجلالة الملك واستعدادهم للتجند ورائه خوضا لمختلف التحديات التي تواجهها المملكة.
وهنا، يشكل حفل الولاء، الذي يتوج الاحتفالات المخلدة لذكرى تربع صاحب الجلالة، على عرش أسلافه الميامين، مناسبة لممثلي الجهات الاثنتي عشر للمملكة، لتجديد تشبثهم بشخص جلالته وبأهداب العرش العلوي المجيد، وللتأكيد من جديد، على أن الصلة التي تجمع العرش بالشعب تظل متجذرة في عمق تاريخ البلاد وأنها شكلت على الدوام الأساس المتين للأمة المغربية والتعبير الأسمى عن مدى تلاحمها واستمراريتها.
من ثم، وعلى ضوء هذه الحقائق، يحق للمغاربة الاعتزاز بهذه الرابطة المتينة، التي ما فتئت شعلتها تتقد وتكبر في العهد الزاهر لجلالة الملك محمد السادس، الذي تمكن بفضل رؤيته المتبصرة وقيادته الرشيدة، من جعل المغرب منارة ساطعة أضاءت بإشعاعها وتألقها مختلف أرجاء المعمور.
ومع حلول الذكرى الثانية والعشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، يوم 30 يوليوز الجاري، يقف الشعب المغربي، وقفة إجلال وإكبار لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مستحضرا التحولات الإيجابية المشهودة والخطوات الجبارة التي حققتها المملكة خلال العقدين الأخيرين، واليقين يحذوه بأن تبوأ هذه المكانة الرفيعة لم يكن ليتحول إلى حقيقة من دون آصرة قوية بين العرش والشعب، تجسدها رابطة البيعة.
النموذج التنموي الجديد .. من أجل تنمية شاملة ومندمجة
يعتبر المواطن المغربي فاعلا في عملية التنمية وغاية لها، حيث تجسد الأوراش السوسيو – اقتصادية والسياسية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، العناية الفائقة التي يوليها جلالته للعنصر البشري.
ولا يحيد بناء النموذج التنموي الجديد، الذي عهد به من طرف جلالة الملك إلى اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، عن هذا المبدأ، إذ يروم تجديد النموذج التنموي وضع المغرب على مسار التقدم وتحسين ظروف عيش المواطنين .
ويتعين أن يتدارك هذا النموذج أوجه القصور التي يعاني منها النموذج التنموي السابق، الذي أبان في مجموعة من المناسبات، عن عجزه على تلبية الطلبات الملحة والاحتياجات المتنامية للمواطنين، وعلى تقليص الفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وقد قامت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي في هذا الصدد، وكما أكد على ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الـ66 لثورة الملك والشعب (20 غشت 2019)، بمهمة ثلاثية “تقويمية واستباقية واستشرافية، للتوجه بكل ثقة، نحو المستقبل”، مع الاعتماد على مختلف مكتسبات الاقتصاد المغربي خلال العشرين سنة الأخيرة.
وحث جلالة الملك في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2019، هذه اللجنة، ذات الطابع الاستشاري، على أن تأخذ بعين الاعتبار خلال أشغالها، “التوجهات الكبرى، للإصلاحات التي تم أو سيتم اعتمادها، في عدد من القطاعات، كالتعليم والصحة، والفلاحة والاستثمار والنظام الضريبي، وأن تقدم اقتراحات بشأن تجويدها والرفع من نجاعتها”.
كما يتعين عليها، أيضا، إعداد تقرير يتضمن التعديلات الكبرى المأمولة والمبادرات الملموسة الكفيلة بملاءمة النموذج التنموي وتحقيق نمو شامل ومندمج، يضع المواطن في صلب هذا النموذج.
ولضمان انخراط المواطنين في النموذج التنموي الجديد ودعمه، اعتمدت اللجنة مقاربة تشاركية وشاملة ضمت كافة القوى الحية، لاسيما الشباب، كفاعل قوي في حاضر ومستقبل الأمة.
وفي هذا الإطار، أطلقت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، استشارة موسعة في الوسط المدرسي تحت شعار “مغرب الغد”.
ونظمت هذه الاستشارة تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية التي تعتبر الشباب “الثروة الحقيقية للبلاد”، واستنادا لمقتضيات الفصل 33 من دستور المملكة الذي ينص على ضرورة إشراك الشباب المغربي في الحياة العامة.
وجسدت المساهمات التي تم التوصل بها مستوى الوعي الراقي لدى التلاميذ، وعكست حبهم الكبير لبلدهم، وكذا إرادتهم الراسخة في بناء مستقبل أفضل يستجيب لانتظارات كافة المغاربة.
ومما لا شك فيه، أن النموذج التنموي الجديد، الذي من المنتظر أن يعكس نظرة المغاربة لبلدهم وللمستقبل الذي يطمحون إليه، سيشكل حلقة جديدة في مسلسل تنمية المملكة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.